للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُبيد الله بن طُغْج، وبعث به إلى مصر، ولما نهب الرَّمْلَة قصده النَّابُلْسي الزَّاهد، واستكفَّ جعفرًا عن النهب فكفّ، ثم استخلف ابنَه على الرَّمْلَة، وسار إلى طَبَريّة، وبلغه أن ابن أبي يَعْلى الشريف قد أقام الدعوة بدمشق للمُطيع، فسار إلى دمشق، فعَصَوا عليه وقاتلوه، فظهر عليهم، وهرب ابنُ أبي يعلى إلى البَرْبر، وجيء به إليه، فأحسن إليه، وبعث به إلى مصر مع جماعة من الأحداث الذين قاموا معه.

وعرف القرامطة استيلاءَ المغاربة على الشام، وأخذَهم ابنَ طُغْج، فانزعجوا من ذلك؛ لما يفوتهم من المال الذي كان قَرَّره ابنُ طُغْج لهم -وهو في كل سنة ثلاث مئة ألف دينار- فبعثوا أبا طَريف عَديّ بن محمد بن المعمّر صاحبهم إلى عز الدولة بختيار، والوزير يومئذ أبو الفرج محمد بن العباس، يطلبون المساعدة على المغاربة بالمال والرجال، فاستقر أن عزَّ الدولة يعطيهم ألف ألف درهم، وألف جَوْشَن (١)، وألف سيف، وألف رمح، وألف قوس، وألف جَعْبَة، وقال: إذا وصل أبو علي الجَنَّابي إلى الكوفة حمل إليه جميع ذلك، ولما وصل الجنابي إلى الكوفة كان في عَددٍ كثير من أصحابه ومن الأعراب، فبعثوا إليه بالمال والسِّلاح، وسار يُريد الشام، وبلغ جعفر بنَ فلاح خبرُهم، فاستهان بأمرهم، ثم لم يَشعر بهم حتى كَبسوه بدمشق بمكان يقال له: الدّكَّة، فقتلوه، واحتَوَوْا على سواده وأمواله وكُراعه.

ومَلك أبو علي دمشق، وأمَّن أهلَها، وأحسن السِّيرةَ فيهم، وغلب على الشام، واجتمعت إليه العرب، وسار إلى الرَّمْلَة وبها سعادة بن حيَّان، فخرج إلى يافا، وتحصَّن بحصنها، ودخل أبو علي الرَّمْلَة، وقتل مَن وجد من المغاربة، ثم رحل طالبًا مصر، وخلَّف بالرَّمْلَة أبا محمد عبد الله بن عُبيد الله الحسني، ومعه دَغْفل بن الجراح الطَّائي، وجماعة من الإخشيدية والكافورية، وجاء فنزل عين شمس على باب مصر، واقتتلوا أيامًا، وظهر القرمطيُّ على المغاربة، وقتل منهم زهاء خمس مئة رجل، وغنم أموالهم وأسلحتَهم ودوابَّهم.

فلما كان يوم الأحد لثلاث خلون من ربيع الأول وقف الهَجَريّ على الخندق والمغاربة من ورائه، ونَشِبت الحرب، واقتتلوا إلى العصر، فخرجت المغاربةُ من الخنادق، وحملوا على الهَجَريّ، فانْدَقَّ عَسكرُه لا يلوي على أحد، وجعل يَرُدُّهم


(١) هو الدرع.