للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله قال: قرأت على شيخنا أبي منصور بن الجواليقي، عن الخطيب أبي زكريا التبريزي، عن أبي العلاء المعري قال: كانت العرب العاربة تسمي هذه الشهور بغير هذه الأسماء فتقول للمحرم: مؤتمِر، ولصفر: ناجِر، ولربيع الأول: خوَّان، ولربيع الآخر: وَبْصان، ولجمادى الأول: رُبَّى، ولجمادى الآخر: حَنين، ولرجب: الأصم، ولشعبان: عازل، ولرمضان: ناتق، ولشوّال: وَعْل، ولذي القعدة: وَرْنَة، ولذي الحجة: بُرَك.

تفسيرها: أما مؤتمر، فاشتقاقه من المؤامرة في ترك الحرب احترامًا له، وأما ناجر، فالنجر الأصل، جعلوه أصل الحرب؛ وأما خوَّان: فمن تخوينهم الحرب أي نقضهم، وأما وَبْصان: فمن الوَبْص وهو بريق السلاح، وكانت الغارات تشتد فيه، وأما رُبَّى: فمن قولهم شاة رُبَّى على وزن فُعلى أي كثيرةُ النِّتاج، وكانوا يجمعون فيه الأموال، وأما حنين: فلأن أسفارهم تطول فيحنُّون فيه إلى المنازل والأهل، وأما الأصم: فلأنهم ما كانوا يُغيرون فيه ولا يسمعون قعقعةَ السلاح فسمّي أصمَّ به، ومنهم من يقول: رجب مضر وسنذكره.

وأما قولهم ناتق؛ فمن قولهم: نتقت الشاة إذا أكثر ولدها، وأما وَعْل: فالوعل الملجأ، كانوا يلجأون فيه إلى المنازل، وأما وَرْنة؟ فالأَرْن -بإسكان الراء- النشاط، كانوا ينشطون فيه للحج (١)، وأما بُرَك؟ فلأنَّ الإبل كانت تبرك فيه في الموسم حتى ينقضي، وقيل: هو من البركة.

وأما شهور المستعربة؛ فسمي المحرم لتحريم القتال فيه، كان الرجل يلقى قاتلَ أبيه أو ابنه أو أخيه فلا يعرض له، وكذا في الأشهر الحرم [كلها]، قال الجوهري (٢): إلا حيّان من العرب خَثعم وطيّئ فإنهم كانوا يستحلون القتال فيه وفي الأشهر الحرم.

وأما صفرَ: فلأنَّ المنازل كانت تَصْفَر منهم، أي: تخلو، والصِّفْر الخالي، وقال الجوهري عن ابن دريد: والصَّفَرَان شهران من السنة أحدهما المحرم (٣). وقيل: لأنهم


(١) أورده الفيروزآبادي في "القاموس" في مادة (ورن)، وذكر معنى ما ذكره المصنف المرزوقي في "الأزمنة والأمكنة" ١/ ٢٧٩.
(٢) "الصحاح": (حرم).
(٣) "الصحاح": (صفر).