الدولة وعضد الدولة قد اتَّفقا في السرِّ عليك، وأن يأخذوك أسيرًا يوم الحرب، ويَمضي عز الدولة فيأخذ الموصل ويقيم بها، ويعود عضد الدولة إلى بغداد، فاستَظْهِرْ لنفسك.
فاحترز أبو تغلب من مُخالطة عز الدولة، فلما وَقَعت الحرب قاتل عز الدولة، وأرسل إلى أبي تغلب أن يَحمل على المَيْمَنة مرارًا، فتوقَّف لما كان خامَرَ سِرَّه من الكتاب، فوقف على تلٍّ مُشْرِفٍ من بعيد، ولم يخالط العسكر، فكانت الهزيمةُ، وتبعوا أبا تغلب، وخرج فنجا ومعه أخو عز الدولة وولده أبو كاليجار.
وعاد الطائع إلى بغداد، وحمل الأُسارى من الدَّيلَم والتُّرْك في الزَّواريق، فمنهم من غرق، ومنهم من بقي، ومنهم من استُبقي.
وسار عضد الدولة إلى الموصل، فوصلها يوم الأربعاء عاشر ذي القعدة، فنزل دارَ أبي تغلب، وولَّى العمَّال في النواحي، وبعث وراء المنهزمين، وهم عمدة الدولة، وأخوه أبو طاهر، وأبو كاليجار بن عز الدولة، ووالدة عمدة الدولة وأخيه، وتفرَّقوا، وسار بعضهم إلى دمشق مع زوجة معزّ الدولة وبها هفتكين التركي، فأنزلهم وأحسن إليهم، وأقاموا عنده.
وأما أبو تغلب فسار إلى مَيَّافارِقين ومعه أختُه جميلة، وكانت مُشاركةً له في الأمر والنَّهي، ومعه أخواته الباقيات وحُرَمُه، وبعث إليه عضد الدولة أبا الوفاء طاهر بن محمد، فلما قَرُب من مَيَّافارِقين سار أبو تغلب بعياله إلى قلعة بَدْليس، ونزل بميافارقين هزارمرد الحَمْداني غلام جدِّه أبي الهيجاء، وجاء أبو الوفاء فنازلها، وسار أبو تغلِب إلى قلاعه، واستنزل منها مالًا حمله معه، وتبعه أبو الوفاء، ثم عاد فحصر مَيَّافارقين، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
وفي هذه السنة جرَت لعضد الدولة لما دخل بغداد قصَّةٌ مع أبي الحسين بن سَمعون نذكرها إن شاء الله تعالى في ترجمة أبي الحسين (١)، وحجَّ بالناس أبو عبد الله العلوي.
(١) من قوله: وفي يوم الاثنين الثاني من شوال خرج عضد الدولة … إلى هنا ليس في (ف م م ١).