[سكن صُور، وأثنى عليه الأئمة، فقال أبو عبد الرَّحْمَن السُّلَميّ:] كان يرجع إلى أحوالٍ اختصَّ بها، وأنواعٍ من علوم الشريعة، منها: علم القرآن (١)، والحديث، والحقائق، وتعظيم الفقر وصيانته، ومحبّته للفقراء والرفق بهم، وأخلاق في التجريد يُربي على أقرانه فيها.
[وقال القشيري في "الرسالة": هو شيخ الشَّام والصّوفية في وقته.]
نشأ ببغداد، وأقام بها مدَّةً، ثم انتقل إلى الساحل فأقام بصور.
[ذكر طرف من أخباره:
حكى ابن خميس عنه في "المناقب" والقشيري] قال: كنتُ راكبًا على جمل، فغاصت رِجلُه في الرَّمل فقلتُ: جلَّ الله، فقال الجمل: جلّ الله.
وكان إذا دُعي إلى دعوة في دور بعض السُّوقة أطعم الفقراء طعامًا طيبًا؛ لئلَّا يَمدُّوا أيديَهم إلى طعام الدَّعوة إلَّا بالتَّعَزُّز، حفظًا لجانب الفقراء لئلا يُنسبوا إلى الشَّرَه، فيأثم النَّاسُ بطريقهم.
[قال: ودعاه رجل إلى دعوة، فحضر ومعه الفقراء، فلما خرجوا قام يمشي في أثرهم،] فاجتاز برجلٍ وهو يقع في الفُقراء ويَشتُمهم، فقال له: إيش بينك وبينهم؟ قال: استقرض مني واحدٌ منهم مئة درهم ولم يَرُدَّها علي، ولا أعلم له مكانًا، فبعث إليه الشيخ بمئة درهم، وقال الرسول: هذه من الفقير الذي استَقْرَضَها منك، وكان له عُذْرٌ في تأخيرها عنك.
ثم اجتاز بعد ذلك بذلك الرَّجل وهو يَمدح الفقراء ويقول: هؤلاء السَّادةُ الصُّلَحاء.
[حكى السُّلَمي وابن خميس عنه قالا:] دخل يومًا دارَ بعضِ أصحابه، فرأى فيها بيتًا مُقفَلًا، فقال: صوفي له بيتٌ مُقفَل، فكسر القُفل، وأمر ببيع كلِّ ما في البيت، وعَمِل بثمنه دعوةً للفقراء، وجاء صاحبُ البيت، فدخل فلم يجد فيه شيئًا، وجاءت زوجتُه بعده وعليها كِساء، فدخلت بيتًا وقالت: يَا أصحابنا، هذا الكِساء من مَتاع