للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وولي إمارة الحاجِّ أبو الحسين بن يحيى العلوي وقيل: اسمه محمد بن الحسن بن يحيى وكنيته أبو الحسن.

ذكر خبر أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي

كان أميرَ مكة، وكان حسان بن المفرِّج بن الجرَّاح الطائي مقيمًا بالرَّملة، وعنده أبو القاسم بن المغربي، وكان مباينًا (١) لصاحب مصر، فحمله على أن عظَّمَ أبا الفتوح في عين حسَّان، وقال: هذا لا مطعَنَ في نسبه، والمصلحة أن تنصِّبَه إمامًا. فوافقه، وقدِمَ ابنُ المغربي مكةَ، فأطمع أبا الفتوح في الملك، وسهَّلَ عليه الأمر، فأصغى إليه، وبايعه شيوخُ الحسين، وحسَّن له ابنُ المغربي قَلْعَ قبلة البيت وأخْذَ ما فيه من الأموال، فأخذه وأنفقه في الجند، وسار به ابنُ المغربي إلى الشام، فنزل الرملة، والتقاه حسان والقبائل، فقبَّلوا الأرض بين يديه، وخاطبوه بأمير المؤمنين وهو راكب على فرس متقلِّدًا سيفًا زعم أنَّه ذو الفقار، وفي يده قضيبٌ زعم أنَّه قضيبُ رسول الله ، وحولَه جماعة من بني عمه، وبين يديه ألفُ عبدٍ من السودان، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وكان قد خطب لنفسه في مكة، وتسمَّى بالراشد بالله، وبلغَ الحاكمَ بالله [هذا] (٢)، فانزعج وكتب إلى حسانٍ فلاطفه، وبذل له مالًا [وهدايا] وجاريةً لم يكن بالشام مثلُها، وجهَّزها بمال عظيم، وبعث بالأموال إلى [آل] الجرَّاح، فرجعوا عن أبي الفتوح، وكتب الحاكم إلى مكة إلى بني عم أبي الفتوح بولاية الحرمين، وبعث إليهم بمالٍ، ولمَّا عَلِمَ أبو الفتوح سقطَ في يده، وركب إلى المفرِّج أبي حسان مستجيرًا به، وقال: إنما فارقتُ نعمتي، وأبديتُ لصاحب مصر صفحتي سكونًا (٣) إلى ذمامكم، وأنا الآن خائفٌ من غدر حسان، فأبلغني مأمني، وسيِّرني إلى وطني. فردَّه إلى مكة، فوجد صاحبَ مصر قد ولَّى الحرمين الحسين ابن عمِّه، فأقام بجدَّة.


(١) مباينًا: مغايرًا ومخالفًا. المعجم الوسيط (بين).
(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ب).
(٣) في (خ): شكوتم، والمثبت من (ب).