للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنده]، وجاء زوجُها [آخر النهار من سوقه] فوجد بابه مغلقًا [فانزعج]، فسأل الجيران [عن زوجته] فأخبروه [بما جرى لها مع القاضي، ودفعوا إليه المفتاح، فدخل بيته] فباتَ على أسوأ حالٍ [وأقبحِه]، وباكَرَ [إلى] دارَ القاضي، [فأعلن بالاستغاثة والظلامة، فأحضره القاضي] وسأله [عن حاله]، فقال: أنا زوج المرأة [التي فعلت بالأمس ما فعلت]، وقد كذَبَتْ. وقال: واللهِ ما لها أخٌ [ولا أحد]، وهي بنتُ عمِّي، وما أُفارِقُ القاضي إلَّا بها [كما أخرجها من داري]. فعَظُمَ على القاضي [ما سمعه]، وخاف سطوةَ الحاكم [إن لم يصدقه على الحال]، فقام من ساعته، ودخل على الحاكم، وقبَّل الأرضَ [بين يديه وهو مرعوبٌ، فسأله عن سبب انزعاجه، فقال]: يا مولانا، أنا لائذٌ بعفوك لِما تمَّ عليَّ أمسِ. قال: وما هو؟ فشرح له الأمر، فأمر [الحاكم] بإحضار الرجل [فأُدخل عليه] فسأله عن حاله، فأخبره وهو يبكي، فقال الحاكم للقاضي: اركَبْ، وخُذْ معكَ الرجلين الَّلذَين أنفذتَهما مع المرأة حتَّى يُرشِداكَ إلى الدار التي دخلَتْ إليها، وخُذْ معكَ أربعة من شهودك وخدمًا من القصر (١) واهجُمْ بهم الموضع، حتَّى يشاهدوا المرأة ومَنْ فِي الدار وما هم عليه، واقبِضْ على الجميع واحمِلْهم إليَّ. فخرج القاضي، وفعل ما أمره الحاكم، ودخلوا الدار، فوجدوا المرأةَ والرجلَ نائمين فِي إزارٍ واحدٍ على سُكْرٍ، فحُمِلا إلى بين يدي الحاكم، وشهد الشهود بما رأَوا، فقال للزوج: هذه زوجتُك؟ قال: نعم. فسألها عما كان منها، فأحالت على الشيطان وما حسَّنه لها، وسأل الرجلَ الَّذي كانت عنده، فقال: [هذه امرأةٌ] هجمَتْ عليَّ، وزعمَتْ أنها خِلْوٌ من زوج، وإنِّي إن لم أتزوَّجْها سعَتْ بي إليكَ [يا مولانا] لتقتلني، فاستَحْلَلْتُها بموافقةٍ جَرَتْ بيني وبينها. فأمر الحاكم بأن تُلَفَّ المرأةُ فِي باريةٍ (٢) وتُحرَقَ، وأن يُحملَ الرجلُ الَّذي كانت عنده إلى باب الجامع، ويُضرَبَ ألفَ سوطٍ، فإن مات فقد مضى لسبيله، وإن لم يمُتْ أُطلِقَ، ففُعِلَ ذلك، وعاد الحاكم إلى ما كان عليه من التشديد على النساء، ومنعِهِنَّ الظهورَ والتصرُّف إلى أن قُتِلَ، ثمَّ ظهَرْنَ حينئذٍ وعُدْنَ إلى ما كُنَّ عليه من قَبْلُ.

وفيها قُلِّد أحمد بن أبي الشَّوارب القضاء لمَّا مات ابنُ الأكفاني.


(١) العبارة فِي (م) و (م ١): وخذ زمامًا من خدم القصر.
(٢) البارية أو البارياء: الحصيرة. وهي فارسية معربة. المعجم الوسيط (بور).