للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدَّهْرُ سهلٌ وصعبُ … والعيشُ مُرٌّ وعَذْبُ

فاكسِبْ بمالِكَ حَمْدًا … فليسَ كالحمدِ كَسْبُ

وما يدومُ سرورٌ … فاختِمْ وطينُكَ رَطْبُ

وقال: [من الطويل]

وما ظبيةٌ أدماءُ تحنو على طَلى (١) … ترى الإنسَ وحشًا وهي تأنسُ بالوحشِ

غدَتْ فارْتَعَتْ ثمَّ انثنَتْ لرضاعِهِ … فلم تُلْفِ شيئًا من قوائمه الحُمشِ

فطافَتْ بذاك القاعِ وَلْهى فصادَفَتْ … سباعَ الفَلا يَنْهَشْنَهُ أيَّما نَهْشِ

بأوجَعَ منِّي يومَ ظَلَّتْ أنامِلٌ … تُودِّعني بالدُّرِّ من شبَكِ النقشِ

وأجمالُهم تحدى وقد خَيَّل الهوى … كأنَّ مطاياهُمْ على ناظري تمشي

وأعجَبُ ما في الأمرِ أنْ عِشْتُ بعدَهُمْ … على أنَّهم ما خَلَّفوا فيَّ مِنْ بَطْشِ

وقال أيضًا: [من الطويل]

أيا وطني إنْ فاتَني بِكَ فائِتٌ … من الدَّهرِ فلْتَنْعَمْ بساكنِكَ الحالُ

وإن أستطِعْ في الحشر أنَّكَ زائري … وهيهاتَ لي يومَ القيامةِ أشغالُ

وقال: [من مجزوء الكامل]

إني أبُثُّكَ عن حَديـ … ـثي والحديثُ لهُ شجونْ

غيَّرْتُ موضعَ مرقدي … ليلًا فنافرني السُّكونْ

قُلْ لي فأَوَّلُ ليلةٍ … في القبرِ كيف تُرى تكونْ

ذكر وفاته:

[ذكر جدي في "المنتظم" قال]: لمَّا أحسَّ بالموت كتب كتابًا إلى كل مَنْ يصل إليه من الأمراء والرؤساء الذين بين ديار بكر والكوفة أن حَظيَّةً للوزير توفِّيت، وأنَّ تابوتها يجتاز بهم إلى مشهد أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه، وخاطبهم في المراعاة لمن يصحبه [ويَخْفرهُ]، وكان قصدُه أن لا يتعرَّض أحدٌ لتابوته، وأن ينطوي خبرُه، فتَمَّ [له] ذلك، ومات بميَّافارقين عن ستٍّ وأربعين سنة، وحُمِلَ إلى مشهد علي فدُفِنَ هناك.


(١) الطَّلى: ولد الظبية ونحوه. المعجم الوسيط (طلا).