بعده ولدَه عزُّ الدولة بختيار، ثم ملك عَضُد الدولة سنة ست وستين، ومات سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة، فكانت إمارتُه على بغداد خمسَ سنين وشهورًا، ثم وَليَ ابنُه صمصام الدولة، اعتقله أخوه شرف الدولة وسَمَلَه، وقتله أبو نصر بن بختيار سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، وملَكَ شرفُ الدولة بن عَضُد الدولة بغداد سنة سبع وتسعين، فأقام سنتين وثمانية أشهر، ثم مات سنة تسع وسبعين، ومؤيَّد الدولة أخو عَضُد الدولة لم يدخل بغداد، ومات بجُرجان بعد عَضُد الدولة بسنة، فكانت إمارتُه أربعَ سنين، ووَلِيَ أخوه فخر الدولة فأقام واليًا ثلاث عشرة سنة، ولم يدخل بغداد، ومات سنة سبع وثمانين، ولمَّا مات شرفُ الدولة ببغداد سنة تسع وسبعين عهد إلى ولده أبي نصر بهاء الدولة فأقام حاكمًا على بغداد أربعًا وعشرين سنة، وتوفِّي سنة ثلاث وأربع مئة، وولِيَ ابنُه سلطان الدولة فيها واستناب جلال الدولة سنة خمس وثلاثين وأربع مئة، وكان لجلال الدولة الملك العزيز، ثم وَلِيَ أبو كاليجار المَرْزُبان بن سلطان الدولة، ومات سنة أربعين وأربع مئة، وقام بعده ولده الملك الرَّحيم، وبه زال ملكُهم، وفي ثاني شوال نزل السلطان دار المملكة، وتفرَّق أصحابُه في دور الأتراك والناس، واستدعاه القائم، فقبَّل الأرضَ بين يديه، ونصب له كرسيًّا، فلم يقعد عليه، فأقسم عليه، فجلس وخلع عليه الخِلَع السلطانية المعهودة وزاده، وخطب له على المنابر، ولقَّبه ركن الدولة شاهنشاه، وقُرِئ عهدُه بين يدي الخليفة، ثم عاد إلى دار المملكة وجلس للتهنئة، ثم نظر في إقطاع الخليفة فاستقلَّه، فزاده في كل سنة خمسين ألف دينار وخمس مئة كُرٍّ غَلَّةً، وزاد الوزير خمسة آلاف دينار وخمسين كُرًّا، وزاد الحُجَّاب والخدم وغيرهم، وقال: واللهِ لولا أنَّ هذه البلاد تحتاج إلى العساكر وكثرة الأعداء لمَّا تعرَّضْتُ لملك العراق، وكان كتب بعضُ شعراء العراق إلى طُغْرُلْبَك ﵀ إلى خراسان:[من الخفيف]
العراقَ العراقَ يا طُغْرُلْبَكي … سِرْ إليها ولو تلكَّمت فَكِّي
قد سَئِمنا ملكَ الدَّيالمِ فينا … فعسى بملك الممالكِ تُرْكي
فقوي عزمُه على ذلك، فصعد العراق، وقبض على أبي الحسن بن سعيد بن نصر النصراني -كاتب البساسيري- وأموالِه وأسبابِه، وحُمِلَ إلى دار الخليفة، وكان في عسكره ثمانية أفْيِلة، وعسكرُه ستين ألفًا.