كلَّ يوم نفسًا، فإذا تنفس مدَّ البحر، وإذا ردَّ نفَسَه جزر، فلم يكن لقوائمه موضع قرار، فخلق الله صخرةً خضراء كغلظ السموات والأرض، فاستقرت قوائم الثور عليها، وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه: ﴿فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾ الآية [لقمان: ١٦] فلم يكن للصخرة مُستَقرٌّ، فخلقَ الله نونًا -وهو الحوت العظيم-، فوضع الصخرة على ظهرِهِ وسائرُ جسدِهِ خال، والحوتُ على البحر، والبحرُ على متنِ الريح، والربح على القدرة تقلُّ الدنيا كلها بما عليها، قال لها الجبار سبحانه: كوني، فكانت (١).
وقد روى أبو بكر الخطيب بمعناه عن ابن عباس، فقال بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس، وفيه: وكانت الأرضُ تمورُ مورًا تتكفَّأ، كما تتكفأ السفينة، فبعث الله تعالى جبريل، فلم يقدر أن يسكِّنها، فقال: يا إلهي، قد علمتَ أنك لم تقدِّر ذلك على يدي، ولو بعثتَ بعوضةً لسكنتها، قال: فأرسل الله ﷿ ملكًا من تحت العرش، فدخل تحت الأرض وذكره.
وفيه: وقرونُ ذلك الثورِ خارجةٌ من أقطار الأرض قد اشتبكت بأقطار السموات إلى العرش، ومنخرا الثور في ثقبين من تلك الصخرة، فهو يتنفس كل يوم نفسين، فإذا تنفس مدَّ البحر وإذا ردَّ نَفَسه جزرت البحار.
وفيه: واسم الحوت بلهوت، فانتهى إبليس إلى الحوت فقال: ما خلق الله خلقًا أعظم منك، فَلِمَ تحملُ هذه الأَثقال؟ فهم أن يلقي ما عليه، فبعث الله تعالى بَقَّةً فدخلت في عينه فشغلته عن ذلك، ثم أنبت الله جبل قاف من تلك الياقوتة الخضراء فأحاط بالدنيا، ثم أنبتَ منه الجبال وشبك بعضها ببعض بعروقه كالشجر في الأوتاد، فإذا أراد الله أن يزلزل أرضًا أوحى إلى قاف فحرَّكَ ذلك العرق، وهو حديث طويل اختصرته. وقد أخرجه الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر في كتابه المعروف بـ "كتاب الزلازل".
وحكى الثعلبي عن كعب الأحبار: أنَّ إبليسَ تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض كلها فوسوس إليه: أتدري ما على ظهرك يا لوثيا من الأمم والدوابّ والشجر والجبال وغيرها؟ ولو نفضتهم لاسترحت، فهمَّ لوثيا أن يفعل ذلك فبعث الله إليه دابةً