للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه: [من البسيط]

كونٌ يُرى وفسادٌ جاء يتبعُهُ … تباركَ اللهُ ما في خلقهِ عبَثُ

وإنْ يُؤذِّنْ بلالٌ لابنِ آمنةٍ … فبعدَه لسَجاحٍ قد دعا شَبَثُ (١)

وله كتاب عارض به السور والآيات، سمَّاه "الفصول والغايات" وغير ذلك، [وشعره فيه إلحادٌ ما اشتهيتُ أذكرُه.

قال ابن الصابئ: وحدثني الوزير فخر الدولة أبو نصر بن خميس قال: حدثني] المنادي الشاعر [قال]: اجتمعتُ بأبي العلاء بمعرة النعمان، فقلت له: ما هذا الذي يُحكى عنك؟ فقال: حسدني قوم، فكذبوا عليَّ. فقلتُ: علامَ حسدوك، وقد تركتَ لهم الدنيا والآخرة؟ فقال: والآخرة؟! قلت: إي والله. ثم قلتُ: فلِمَ تمتنِعُ من أكل الحيوان، وتلوم من يأكله؟ فقال: رحمةً مني له، وإنهم يأكلون ما تأكلون. قلت: لا، بل تقول: إنه من شرِّ الناس، فلَعمري إنهم يجدون ما يأكلون، وعن اللُّحمانِ يتعوَّضون. [قلت]: فما تقول في السباع والجوارح التي خُلِقَتْ لا غذاءَ لها غير لحوم الناس والبهائم، ولا طعامَ تعتاضُ به عنها، وما أنت بأرأفَ من الخالق بخلقه، ولا أحكمَ منه في تدبيره وإن كانتِ الطبائع المحدثة لذاك على مذهبك، فما أنتَ بأحذقَ منها، ولا أتقنَ صنعًا له، ولا أحكمَ عملًا حتى تعطِّلها ويكون رأيُكَ وعقلُكَ أرجحَ منها؟ فسكت.

وقال محمد بن الصابئ: أذكر عند ورود الخبر بموته، وقد تذاكرنا أمرَه وكفرَه ومعنا غلام يُعرف بأبي غالب بن نبهان من أهل الخير والسلامة والعفة (٢) والديانة، فلمَّا كان من غد ذلك اليوم قال: رأيتُ البارحةَ في منامي رجلًا شيخًا ضريرًا وعلى كتفيه أفعيان قد تدلَّيا إلى فخذيه، وكلٌّ منهما يرفع فمه إلى وجهه، فيقطع منه قطعةَ لحم فيزدردها وهو يصيح ويستغيث، فقلت: مَنْ هذا؟ وقد أفزعني ما رأيتُه، وروَّعني ما


(١) شَبَث: هو ابن رِبْعي، كان مؤذِّن سَجاح -زوج مسيلمة- ثم أسلم، ثم كان ممَّن أعان على عثمان، ثم صحب عليًّا، ثم صار من الخوارج عليه، ثم تاب. تقريب التهذيب (ترجمة شبث بن ربعي).
(٢) في (م) و (م ١): والفقه.