للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وذكر ابنُ الهَبَّاريَّة في "فلك المعاني" وقال]: بلغَ أبا نصر بن أبي عمران داعي الدُّعاة لصاحب مصر حديثُه، فاستدعاه إلى حلب وكان بها، فسمَّ أبو العلاء نفسه فمات. [قلت] ولم يوافق ابنَ الهبارية على هذا أحد، وقد أجمعوا على أنه مات على فراشه الموت الطبيعي، ومن شعره: [من الخفيف]

يا مريضًا أحلَّ بي كلَّ داءِ … إنَّ نفسي تفديكَ كلَّ الفداءِ

حلَّ ما بي فليس يُرجى شفائي … كيفَ يَشفى المريضُ من ألفِ داءِ

وقال: [من الطويل]

إذا ما خَبَتْ نارُ الشَّبيبةِ ساءَني … ولو نُصَّ لي بينَ النُّجومِ خِباءُ

[وقال: من البسيط]

يأتي على الناسِ إمساءٌ وإصباحُ … وكلُّهمْ لصُروفِ الدَّهر نَسَّاءُ

وكم مضى من قبيلٍ أو يماثِلُهُ … من المَقاولِ سرُّوا الناس أم ساؤوا

تتوى (١) الملوكُ ومصرُ في تغيُّرِهِمْ … مصرٌ على العهدِ والأحساءُ أحساءُ

خَسِسْتِ يا أُمَّنا الدنيا فأُفِّ لنا … بني الخسيسةِ أوباشٌ أخِسَّاءُ

وقد نطقتِ بأصنافِ العِظاتِ لنا … وأنتِ فيما يظنُّ القومُ خَرْساءُ

يموجُ بحرُكِ والأهواءُ غالبةٌ … لِراكِبيهِ فهلْ للسُّفْنِ إرساءُ

إذا تعطَّفْتِ يومًا كنتِ قاسيةً … وإنْ نظرتِ بعينٍ فهي شَوساءُ

نالوا قليلًا من اللَّذاتِ وارتحلوا … برَغْمِهم فإذا النَّعماءُ بأساءُ

وقال: [من الكامل]

البابِليَّةُ بابُ كلِّ بليَّةٍ … فَتَوقَّيَنَّ هجومَ ذاكَ الباب

جَرَّتْ مُلاحاةَ الصديقِ وهجْرَهُ … وأذى النديمِ وفُرقةَ الأحبابِ (٢)

قال المصنف ﵀: من ها هنا أخذ جدي ﵀ فقال في "المدهش" (٣): محبة الدنيا مِحنة، عيونها بابلية، كم فتحت باب بلية؟ ولا حيلة كحيلة، من عين كحيلة.


(١) تتوى: تذهب. المعجم الوسيط (توي).
(٢) لزوم ما لا يلزم ١/ ٢٠٤.
(٣) المدهش ص ١٥٥.