للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلُّ ذِكْرٍ من بعدِه نسيانُ … وتَغيبُ الآثَارُ والأعيانُ

إنَّما هذهِ الحياةُ متاعٌ … فلتُخَبِّرْكَ عن أذاها العِيانُ

نَفَسٌ بعدَ مِثْلهِ يتقضَّى … فتمرُّ الدُّهورُ والأحيانُ

قد ترامَتْ إلى الفسادِ البرايا … واستوَتْ في الضلالة الأديانُ (١)

أنا أعمى فكيفَ أُهدي إلى المَنْـ … ـهجِ والناسُ كُلُّهم عُميانُ

والعصا للضريرِ خيرٌ من القا … ئدِ فيه الفُجورُ والعِصيانُ

ليس في هذه المجرَّةِ ماءٌ … فيُرَجِّي وُرودَه الصَّدْيانُ (٢)

وقال: [من الخفيف أيضًا]

المُجبرون يناظرونَ بباطلٍ … فاسمَعْ مقالهُم بغيرِ بيانِ

كلٌّ يقولُ أرى الإلهَ أضلَّني … وأرادني ما كانَ عنه نهاني

إنْ صَحَّ ذا فتعوَّذوا من ربكم … ودَعوا تعَوُّذَكُمْ من الشيطانِ

وقال: [من الطويل]

أرى الحِيرةَ البيضاءَ حارَتْ قُصورُها … خلاءً ولم تثبُتْ لكسرى المدائِنُ

وهَجَّنَ (٣) لَذَّاتِ الملوكِ زوالُها … كما غدَرَتْ بالمُنذِرَينِ (٤) الهجائِنُ (٥)

ركِبْنا على الأعمارِ والدَّهرُ لُجَّةٌ … فما صَبَرَتْ للموجِ تِلكَ السَّفائِنُ

تجيءُ الرَّزايا بالمنايا كأنَّما … نفوسُ البرايا للحِمام رهائِنُ

لَعمري لقدْ خادعتُ نفسيَ بُرهَةً … وصدَّقْتُ في أشياءَ مَنْ هو خائِنُ (٦)

وخانَتْنيَ الدُّنيا مرارًا وإنَّما … يُجَهَّزُ بالذَّمِّ الغواني الخوائِنُ

أُعلِّلُ بالآمالِ قلبًا مُضَلَّلًا … كأنِّيَ لم أشعُرْ بأنِّيَ خائِنُ

يصونُ الكريمُ العِرْضَ بالمالِ جاهدًا … وذو اللؤمِ للأموالِ بالعرضِ صائِنُ


(١) تحرفت في (ف) إلى: الإتيان.
(٢) لزوم ما لا يلزم ٣/ ١٥٤٦، والصَّدْيان: شديد العطش.
(٣) في (خ): ويعجز، والمثبت من (ف)، ولزوم ما لا يلزم ٣/ ١٥٢٥، والأبيات فيه.
(٤) المنذِران هما: المنذر بن ماء السماء، وهو الأكبر، والثاني: ابنه المنذر بن المنذر، وهو الأصغر.
(٥) الهجائن: الإبل ذات البياض الخالص.
(٦) في اللزوم: مائن، والمائن: الكاذب.