وانحدر إلى مشرعة القصب، وصعد إلى زورق، فاستكَنَّ فيه من البرد، وأنكره ملَّاحوه، فضمن لهم خمسة دنانير، [على أن يحملوه إلى مربعة القطانين، فحملوه، فدخل دار العُكْبَري معلِّم أولاد ابن المسلمة، وأخذ من أحد أقاربه خمسة دنانير] فدفعها إليهم، وخاف العسكر أن يشيع ذلك فيُغَرِّمَه البساسيري عوضه، فبعث إلى البساسيري وأخبره، فأخذ الزهيري فقتله، وطُرِح في دجلة، وأمَّا ابن اليدن فإنه هرب إلى النهروان، فبعث به ناظر النهروان إلى البساسيري، فجاء به فارسان إلى الزاهر ليلًا، فناما، وهرب في الليل، وسبح (١) إلى باب البصرة، واختبا عند امرأةٍ فسَلِم.
وفي يوم الاثنين لليلتين بقِيتا من ذي الحجة قُتل رئيس الرؤساء، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
وفي هذا اليوم ورد ركابيٌّ إلى بغداد ومعه كتابٌ إلى دور أحد حُجَّاب السلطان يخبر فيه أن السلطان كان محاصرًا بهَمَذان، وورد الخبر إلى أخيه إبراهيم يَنَّال أن زوجة السلطان واصلةٌ بالعساكر والخزائن، فحرص على أخذها، وبعث بقطعة كبيرة من العسكر وراءها، وتبعها أكثر التركمان طمعًا في نهب ما معها، ففلَّ عسكر إبراهيم يَنَال منهزمًا، وسار السلطان إلى الريِّ، ولحقت به خاتون، وفاتت التركمان، وعادوا فوجدوا أموالهم قد نُهبت، ووصلت خاتون بالسلطان وسلمت، وكان ابنُها أنوشروان معها مقيَّدًا، وقد كان لحقها بحلوان، فقيَّدَتْه واستصحبَتْه معها، فلمَّا رآه السلطان على تلك الصورة رَقَّ له، وفَكَّ قيدَه، وأفرج عنه. وكان البساسيريُّ لمَّا دخل بغداد أسر يارَخْتِكين حاجب السلطان، وكانت زوجتُه مع خاتون، فسألت السلطان أن يفدي زوجَها بنساء البساسيري وأولادَه، فأجابها، وبعث كتابًا إلى بدر بن المهلهل الكردي ليتسلَّم يارَخْتِكين، ويُسَلِّمَ أولاد البساسيري.
وفيه أفرج البساسيريُّ عن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني بعد أن قرَّر عليه ثلاثة آلاف دينار، وضمنه حموه ابن السِّمناني عليها، وأدَّى سبع مئة دينار، وسكت البساسيريُّ عن الباقي، ووصل الخليفة إلى الحديثة، والتقاه مهارش البدري، وكان حسنَ الطريقة، يخدم الخليفة بنفسه.