وقال محمد بن هلال الصابئ: حدثني أبو حفص الريحاني أحدُ المتفقِّهة حديثَ القرامطة، وكان قد اجتاز بهم [في بعض أسفاره]. قال: إن جزيرة أُوال ثلاثة عشر فرسخًا ضياعًا ومزارعَ ونخيلًا وأشجارًا، ونفَسُ البلد لطيف، وعددُ قُراه مدّة وثلاثون قرية، منها قرية تشتمل على مئة وثلاثين مسجدًا تُسمَّى تُسْتَر، وهم يخطبون قديمًا لبني العباس والقرامطة من بعدهم في بلد يُعرف بالقَطيف على ساحل البحر، وجميع السواد، إلا الأحساء فلا يُخطَب فيها لأحد، ولا يُصلَّى فيها جمعةٌ ولا جماعةٌ إلا صلاة التراويح؛ تعظيمًا لأبي سعيد الجَنَّابي المدفون بها، وفيها قوم يُعرَفون بالسَّادة من أولاد القرامطة، من ظهر أبي سعيد الجَنَّابي، كلَّما نقص من عددهم واحدٌ أقاموا واحدًا مكانه، وهم على سَنَنٍ من العدل، يقيمون الحدود، ويحافظون على الصلوات، ويُبطلون المذاهب الفاسدة، ولهم ستة وزراء من سنين لا يستبدلون بهم؛ لأن أبا سعيد لمَّا ظهر عاهدوه وشرطوا عليه أن تكون الوزارةُ فيهم والرياسةُ فيه. ومن مذهبهم إسقاط الجزية عن أهل الذمة، ويُصلُّون على أبي سعيد ولا يُصلُّون على النبي ﷺ، وإن صلَّى عليه أحدٌ صفعوه وقالوا: لا تأكل رِزْقَنا ورِزْقَ أبي سعيد وتُصلِّي على أبي القاسم. واعتقادهم أن أبا سعيد يعود إليهم ويخرج من قبره عليهم إذا طار طائر من حصن معمول في رألس قبة على ضريحه من دارهم بالأحساء، وعند القبر فرس مشدود، وخلعة ثياب، ودَسْتُ سلاح مُعَدٌّ لخروجه.
وفي جمادى الآخرة حدثَتْ زلزلةٌ بنيسابور لبِثَتْ أيامًا أهلكَتْ خلقًا عظيمًا، وخَسفَتْ عِدَّة نواحٍ، وخرج الناس إلى الصحراء هربًا من البنيان.
[وورد من هناك إلى بغداد كتابٌ شرح الحال يقول فيه: كتابي -أطال اللهُ بقاء الشيخ- عن نفسٍ زاهقة، وأحشاءٍ راجفة، وعقلٍ ذاهِب، وقلبٍ ذاهل، وعينٍ ممطرة، ودموعٍ منسكبة، وغمومٍ في الصدر مقيمة، وهمومٍ على الفؤاد مُخيِّمة، ممَّا دُهينا به خصوصًا، أهل هذه البلدة عمومًا، في زلزلةٍ شديدةٍ، وهدَّةٍ عظيمة، تصدَّعَتْ منها الجبال، وتشقَّقتْ منها التلال، وانقلبَتِ القرى بأهلها، واستُؤصلَتْ مواصِلُها، ولم يسلَمْ من ساكنيها إلا القليل، وهذا لَعمري الخطبُ الجليل، وخرب أكثر بنيان البلد، وهلك خلقٌ لا يأتي عليهم العدد، وقامَتِ القيامة قبل أوانها، وبدَتْ آثارُ الساعة قبل أيامها، وكثُرَ الويلُ