للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأطلقه، وكان ينادمه ويشربان وينامان (١)، فجاء خادم له في بعض الليالي فقال: قد أمكنتكَ الفرصةُ من أخيك نظام الدين، هو نائمٌ سكران، قُمْ فاقْتُلْه، وخُذِ البلاد، واسم الخادم فرُّوخ، فقال له: ويلكَ يكون أخي ابن عجب، وأنا ابن الفضلونية [وأغدر به، لا واللهِ لا كان ذلك أبدًا، والفضلونية] (٢) بنت فضلون بن منوجهر صاحب أرَّان وأرمينية، وعجب جارية، ثم انتبه نظام الدين وتحادثا، وأقطعه آمِد، فأُخرجَ وأقام بها، وندم نظام الدين على تسليم آمِد إليه، فاستدعى جاريةً وواعدها على قتله لِما يُذكر إن شاء الله تعالى.

وذُكِرَ في "تاريخ ميَّافارقين" أن السلطان لمَّا اجتاز بديار بكر يريد منازكَرد لقتال ملك الروم خرج إليه أبو الحسن سعيد بن مروان وخدمه، وكان مستوحشًا من أخيه نظام الدين، فلمَّا وصل السلطان إلى ميَّافارقين خاف منه نظام الدين، فدخل إليه نظام الملك إلى القصر، فسأله عن أخيه سعيد، فاخبره أنَّه قد التجأ إلى السلطان، وفي نفس السلطان أن ينصره، وقدَّم لنظام الملك من الجواهر والأموال والتُّحف شيئًا كثيرًا، وخرج أخواتُ نظام الدين وبناتُه وزوجتُه، فمسكوا بذيل نظام الملك وقالوا: قد استجرنا بالله وبك. فقال: واللهِ لأُخرجَنَّه من عندكم أميرًا، ولأُعيدنَّه سلطانًا. ثم خرج نظام الدين مع نظام الملك إلى السلطان، وقدَّم له من الأموال والجواهر ما ملأ عينه، فقال له نظام الملك: إن الحريم قد تمسكن بي في عوده إليهم كما تريد، فقال السلطان: قد حلفتُ لأخيه سعيد، فقال: دعني وإيَّاه. وركب السلطان إلى الصيد، وبعث نظام الملك إلى سعيد فقيَّده وحمله على بغل إلى الهياج، فاعتقل فيه، وعاد السلطان من الصيد، فخلع على نظام الدين خلع السلطنة، وردَّه إلى ميَّافارقين، وقال له نظام الملك: ضمنتُ لأهلك أني أُعيدك إليهم سلطانًا، وما لنا غير سلطان واحد، ولكن أنت سلطان الأمراء. ولقَّبه بذلك، وعاد إلى ميَّافارقين، ومضى السلطان، وطالت مدة سعيد في الحبس، فكتب إلى أخيه نظام الدين يستعطفه، فأطلقه كما


(١) في (خ): وينادمان، والمثبت من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).