للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكحلوا، وملك شاه حاضر، ومات منهم اثنان، وبقي سلطان شاه [وابن كازشاه] (١) ثم تتبع الباقين فكحلهم.

وقد ذُكِرَ في مقتله وجهٌ آخر: قيل: لمَّا عرف ملك شاه مكان عمه قاروت بك سار يطلبه، وبعث في طلبه مَنْ يحضره، فلمَّا لاح القوم نزل ملك شاه على تلٍّ واستدعى مَأكولًا، وأحضر مسلمَ بن قريش وابنَ مَزْيَد وابن وَرَّام وأكلوا، وركب ملك شاه، وجاؤوا بعمِّه فأُنزِلَ عن الفرس، وأُخذت قَلنسوة من رأسه، وقيل له: قَبِّلِ الأرض، فلم يفعل، وتقدَّم السلطانُ إليه وعانقه من ظهر الفرس، وقال له: يا عمّ، قد سِرْتَ من مكان بعيد، فاركَبْ وسِرْ معنا. وسار ملك شاه وسلَّمه إلى ساوتكين، وجاء به فأنزله في خيمته، وبعث قاروت بك إلى ملك شاه يقول: لا تقلع هذا البيت بقتلي، وتسمع من الكتاب في أمري. يعني نظام الملك، وافعل معي ما يليق بالأتراك، وأنا أُعطيك مثل ما خرج عن يدك منذ مات أبوك، وأنا أمضي إلى الشام أو الحجاز وأسلم إليك جميعَ بلادي. فلم يلتفِتْ، وحُمِلَ في الليل إلى هَمَذان يوم الخميس المذكور على حمل تبن، واعتُقِلَ في دار أبي هاشم الجعفري، وبعد أيام جاء ملك شاه إلى الدار فجلس وبعث إليه أحد القفجاقية -ويعرف ببغرسلان- فلمَّا رآه عرف ما جاء به، فسأله التوقُّف، ثم قام فصلَّى أربع ركعات، وتقدَّم إليه ليطرح وتر القوس في حلقه ويخنقه، فدافعه ساعةً، ثم قوي عليه فخنقه، وحُمِلَ في الليل فدُفن عند إبراهيم ينَال، وكحل أولاده -وكانوا خمسة- وكلُّ ذلك بتدبير نظام الملك وإشارته، ولمَّا علمتِ العساكرُ بذلك شغبوا ولعنوا نظام الملك في وجهه، ولعنوا ملك شاه، وانعزلوا عنه ناحيةً وقالوا: ما هكذا أوصى ألب أرسلان، وكان قد أوصى لقاروت بك بكرمان وفارس، وعيَّن له مالًا، وأن يُزوَّج بخاتون الشقيرية، وكان أكثر العساكر مائلًا إلى قاروت بك، ومدُّوا أيديهم إلى البلاد، ونزعوا الطاعة، وخاف ملك شاه فانعزل عنهم، فقال له نظام الملك: إمَّا أن تدبِّر الأحوال أنت أو أنا؟ فقال: بل أنت. فاستمالهم بالمال والإقطاع، فسكنوا وفي القلوب ما فيها.


(١) ما بين حاصرتين من (ب).