للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى اللهُ إلَّا أن يكونَ لكَ السَّعدُ … فليسَ لِما تبغيه منعٌ ولا رَدُّ

قضَتْ حلبٌ ميعادَها بعد مَطْلِها … وأطيبُ وصلٍ ما مضى قبلَهُ صَدُّ

تهزُّ لواءَ النصرِ حولَكَ عصبةٌ … إذا طلبوا نالوا وإن عقدوا شدُّوا

وخطيَّةٌ (١) سمرٌ وبيضٌ صَوارِمٌ … وضافيةٌ (٢) زَغْفٌ (٣) وصافنةٌ جُردُ

وله قصائد، وكان محمود ذا فضلٍ ومروءةٍ وسماحةٍ وسخاءٍ، جوادًا، ممدَّحًا، كريمَ الأخلاق، ولمَّا أخرج العميد عمَّه عطية من حلب مضى إلى بالِس فأرسل إليه مناشير بإقطاعات ومال، فلم يرضَ، ومضى إلى القسطنطينية مستصرخًا بملك الروم، فمات عنده في ذي الحجة سنة خمس وستين وأربع مئة، وكانت وفاة محمود ليلة الخميس ثالث عشر شعبان الليلة التي مات فيها القائم بأمر الله، وسبب موته أنه عشق جارية لزوجته، وكانت تمنعه منها، فماتت الجارية، فحزن عليها، ومات بعد يومين، ولمَّا مات وقع بين العسكر الخلاف، وكان محمود قد أوصى إلى ولده أبي المعالي شبل بن محمود، وأسكنه القلعةَ، والخزائن عنده، وأسكنَ ولده نصر بن محمود البلد، وكان كارهًا له، فكانت العساكر مائلة إلى نصر، وكان شبل بن محمود صغيرًا، فاستولى عليه النساء والخدم، فبذل نصر العطاء، ونشر العدل، فمالَ الناس إليه وملَّكوه، وكان نصرٌ مُمدَّحًا، وقد مدحه ابن حَيُّوس بقصائد منها: [من الطويل]

كفى الدينَ عِزًّا ما قضاهُ لكَ الدهرُ … فمَنْ كانَ ذا نذرٍ فقد وجبَ النَّذرُ

ثمانيةٌ لم تفترِقْ مُذْ جمعتَها … فلا افترقَتْ ما افترَّ عن ناظرٍ شُفْرُ

ضميرُكَ والتقوى وجودُكَ والغنى … ولطفُكَ والمغني وعزُّكَ والنَّصرُ

وقد جاد محمودٌ بألفٍ تصرَّمَتْ … وغالبُ ظنِّي أن سيَخلِفُها نصرُ

فأعطاه ألف دينار، وقال: واللهِ لو قال: سيُضعِفُها نصر، لأضعفْتُها له. وكان على بابه جماعة من الشعراء، فكتبوا إليه: [من الطويل]

على بابِكَ المعمورِ مِنَّا عصابةٌ … مفاليسُ فانظُر في أمورِ المفاليسِ


(١) الرماح الخطيَّة: هي المنسوبة إلى خط موضعٍ باليمامة. الصحاح (خطط).
(٢) الدروع الضافية: الدروع السابغة. اللسان (ضفا).
(٣) الزَّغف: الدرع اللينة الواسعة المحكمة.