بمالٍ بذله له وأرغبُ فيه، هالى أن حصل في يده، وشرع في عمارته وتحصينه والممانعة عنه، إلى أن تمكَّنت حالُه فيه، وقَويَتْ نفسُه في حمايته والمراءاة دونه.
وفي شوال ابتدأ مسلم بن قريش بعمارة سور على الموصل من حجارة وحصى، وكان قومٌ من أهلها قد سألوه ذلك ليحموه ممن يتطرَّقهم عند بُعدِه عنهم، وقدَّر لعمارته مئةَ ألف دينار، أطلقَ لهم بعضَها من ماله معونةً.
وقيل: إنَّ طوله ثلاث مئة وستون برجًا، بين كلِّ بُرجين أربعون ذراعًا.
وفيه خلعَ على الوزير فخر الدولة وأُعطي الفرس بمركب مغموس، وندب الخروج إلى أصبهان بسبب اتصال الخليفة بابنة ملك شاه، وكان الوزير يُؤثِر ذلك فأُجيب.
وسار يوم السبت لسبعٍ بَقِين من شوال، ووصل عُقيب مَسيرِهِ بهاء الدولة منصور بن دُبيس قاصدًا باب السلطان ليُقرَّر في مكان أبيه.
وفي يوم الخميس خامس ذي القعدة سار خطلج بالحاجِّ من الكوفة على عادته إلى مكة.
وفيه خرج الوزير أبو شجاع محمد بن الحسين الأصفهاني إلى أصفهان، وأصحَبه الخليفةُ مختصًا الخادمَ، وتوقيعًا بخطِّه إلى نظام الملك، يتضمَّن الوصيةَ به وعودَه إلى منزله محروسًا.
ذكر السبب:
لمَّا عُزِل فخرُ الدولة وكان ابنُه عميدُ الدولة غائبًا عن الديوان، ترشَّح لذلك مؤيدُ الملك أبو بكر بن نظام الملك، وكان يومئذ ببغداد، وأظهر التوبة من شُرْبِ الخمر وغيره، وجرَتْ في ذاك مخاطبات، وحملَ إلى الديوان مالًا أعاده الخليفة إليه، وأنكر أن يكون جرى في هذا شيء أو طُولع به، وأحضر الوزيرُ أبا شجاع ورتبه في الديوان منفذًا للأمور، إلى أن تستقرَّ الحال على مَنْ يقوم بهذا الأمر، وجلس على طرف البساط، ولم يجلس في مرتبة الوزارة، فنقل ذلك عليُّ بن نظام الملك وكاتَبَ أباه، وعاد عميد الدولة إلى الوزارة، وكان الخليفة يميل إلى أبي شجاع؛ لعقله، وتركِ