ولُقب علمَ السنة، وكان سفيهًا طرقيًّا، ظاهرُ أحواله الإلحاد، وأغرى بسبٍّ الحنابلة، وقال: هؤلاء يقولون: لله ذَكَر. فرماه الله في ذَكَرِه بالخبائث، فمات ودُفِنَ بمشرعة الزوايا عند الأشعري يوم الاثنين تاسع جمادى الأولى سنة سبع وسبعين.
وفيها رجع السلطان من بَلْخ وكان قد سار لقتال أخيه شهاب الدين تُتُش، ولمَّا وصل بَلْخ وجد الغلاء العظيم، وتعذُّرَ الأقوات والعلوفات، ووصل القلعة، وتعرف بدركز، وهي على سن رأس جبل، ومساحة الموضع - على ما قيل - أربعة فراسخ، وبين يديها ساحة كبيرة يطيف بها جبل شامخ، والعسكر في تلك الساحة، وفي الجبل بابٌ يُدْخَل منه إلى الساحة، ولم تكن له حيلة في الوصول إلى تلك الساحة، فجاءه تركماني ودلَّه على مكان يصل منه إليها، فركب السلطان، وجاء إلى ذلك المكان، وأشرف على الساحة ومعسكر تكش بها، فصعد تكش ومن معه إلى القلعة، وجاء أصحاب السلطان فنزلوا في الخيم، ووقع القتال، وأُسِرَ جماعة من أصحاب السلطان، فأحسن إليهم، فدخلوا بينهما وأصلحوا الحال، على أن يردَّ عليه تِرْمِذ، ويعطيه تكش ولدَه رهينة، وظهر تكش من القلعة على بعد، وخدم السلطان، ورضي عنه، ورحل عن المكان، وسبب رحيله وصلحه كثرة الثلج والغلاء وعدم الأقوات، ولمَّا قرب السلطان من سرخس جاءه أخو طغان شاه صاحب تلك البلاد وخدمه، ولاطفه بالهدايا، وشرب عنده، فقال له على سكر: يا سلطان، أنت ما تعطي إلَّا لمن يخرج عليك ويعصيك، ومن يطيعك ويتقرَّب إليك تحرمه وتمنعه -يعني أخاه تكش ونفسه - فغضب السلطان من قوله، وقبض عليه، وبعث به إلى أصفهان، وراسل القلعة التي فيها والدته وأولاده وأمواله ليأخذها، فامتنعت أمه من تسليمها، ثم سلَّمتها بعد ذلك.
وفي ذي الحجة أخرج الخليفة أبا إسحاق وشافهه بما يقوله -وهو أبو إسحاق الشيرازي- ممَّا يجري على البلد وأهله من العهد، فاستشعر الوزيرُ وولدُه من ذلك، وخافا أن تكون الرسالة في معناهما، فقام ولد الوزير من الديوان، ومضى إلى داره، وأغلق بابَه، فأرسل الخليفةُ إليه وطيَّب قلبه، فعاد إلى الديوان على كُرْهٍ وفي نفسه ما فيها، وأقام أبوه في داره على كُرْهٍ أيضًا، وقد كان كتب إلى أصفهان يسأل إنفاذَ مَنْ يخرجه من موضعه ويحمله إلى مقصده.