بالجميل، وأُفردت لهم الدُّور الجليلة، وأُقيمت لهم الأموال الكثيرة، وأطلق لهم السلطان أموالًا، وقدموا لهم الهدايا - للسلطان والجماعة - فلم يقبَلْ منهم أحدٌ شيئًا، وقالوا: ما هذا وقتُه. فثَقُل ذلك على الخليفة، وكَبُرَ موقعُه منه.
وفي جمادى الأولى عقد السلطان لفخر الدولة الوزير على ديار بكر بمالٍ ضمنه عنها، وخلع عليه، وأُعطي الكوسات والأعلام، وأُذِن له في ضرب الدبادب على بابه في أوقات الصلوات الثلاث؛ الفجر والمغرب وعشاء الآخرة في المعسكر السلطاني، والصلوات الخمس في ديار بكر، وأن يخطب لنفسه بعد السلطان في الجمع، وينقش اسمَه على السِّكك.
وقد تقدَّم في ترجمة أحمد بن مروان في سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة ما جرى لفخر الدولة معه في هذا المعنى، ثم إنه لم يقنع بتغيير دولة بني مروان الكردي حتَّى اتَّفق مع نظام الملك على تغيير الدولة العباسية، فلولا أن الله تعالى لطف بالخليفة فمات السلطان وقُتِلَ نظامُ الملك، لأُخرِجَ الخليفةُ من بغداد.
وفيها عُزِلَ السلطانُ خطلج عن الكوفة وإمارة الحج؛ لكثرة شكاوى الناس منه.
وفيها عزم تُتُش على مصاهرة بدر الجمالي على ابنه بدر، فأشار ابن عمار صاحب طرابلس على تُتُش أن لا يفعل، فامتنع بعدما وردت هدايا وملاطفات من مصر.
وفي شعبان استوزر الخليفةُ أبا شجاع محمد بن الحسين، وخلع عليه خِلَعَ الوزارة، ولقَّبه بظهير الدين، مؤيد الدولة، سيد الوزراء، صفي أمير المؤمنين، وكتب له توقيعًا بليغًا بخطِّ ابن الموصلايا، وكان أبو شجاع من أعقل الناس وأعفِّهم وأكثرِهم اجتهادًا في خدمة سلطانه.
وفيها وَلَّى السلطانُ سرهنك ساوتكين إمرة الحاجِّ والكوفة، فأحسن إلى الرعية، وأسقط عنهم وعن الحاج ما كان يأخذه خطلج من الكرى والخفارة، واستدعى العرب، وضمَّنهم الطرق، والتزم جميع ما كان يؤخذ منهم من ماله.
وفيها تُوفِّي السلطان شاه إسحاق بن قاروت بك بكرمان، فجاءت أمُّه إلى السلطان بهدايا وألطاف وأموال، فأكرمها وأقرَّ أخاه مكانه.