فقال جدِّي للرسول: أبلِغِ ابنَ عمار سلامي، وعرِّفه بما ترى؛ لئلا يقول رسلان: إنني أخذتُ ماله.
ثم إنَّ جدِّي زارَ ابنَ عمار، وأقام عنده مدة، ولمَّا رحل إلى حصنه أنشد: [من البسيط]
أحبابنا لو لقيتُم في مُقامِكُمُ … من الصَّبابةِ ما لاقيتُ في ظَعَني
لأصبحَ البحرُ من أنفاسِكُمْ يَبَسًا … كالبَرِّ من أدمُعي ينشَقُّ بالسُّفُنِ
وكان بينه وبين صالح بن محمود صاحب حلب مودة، وكانا أخوين من الرَّضاع، ومن شعره: [من البسيط]
تجني وتعرِفُ ما تجني فأُنكِرُهُ … وتدَّعي أنَّهُ الحُسنى وأعترِفُ
وكم مُقامٍ بما يُرضيكَ قمتُ على … جمرِ الغضا وهو عندي روضةٌ أُنفُ
وقال أيضًا: [من البسيط]
إذا ذكرتُ أياديكَ التي سلفَتْ … وسوءَ فعلي وزلَّاتي ومُجْتَرمي
أكادُ أقتلُ نفسي ثم يمنعُني … علمي بأنك مجبولٌ على الكرمِ
وقال: [من البسيط]
ألقى المنيَّةَ في درعين قد نُسجا … من المنيَّة لا من نسجِ داودِ
إنَّ الذي صوَّرَ الأشياءَ صَوَّرني … نارًا من النَّاس في بحرٍ من الجودِ
وقال: [من السريع]
لا تعجلوا بالهجر إنَّ النَّوى … يحملُ عنكُمْ مِنَّةَ الهَجْرِ
وظاهِرونا بوفاءٍ فقَدْ … أغناكُمُ البَينُ عن العُذرِ
قال المصنف ﵀: وقد وقع لي بيتان في هذا المعنى أرشَقُ من هذين، وهما: [من السريع]
أحبابَنا كم تنحِتون لي … ذنبًا وكم أدأبُ في العُذْرِ
ولا تعجلوا بالهجر إنَّ النَّوى … يحملُ عنكُمْ كُلفَةَ الهَجْرِ
وكانت وفاته بشيزَر. وقيل: إنه مات سنة خمس وسبعين، وهو وهم.