للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يافث بن نوح، أقام بأنموا حاكمًا عليهم نيفًا وثلاث مئة سنة ثم مات.

وملك بعدَه ابنُه غرون (١)، فجعل جسد أبيه في تمثال من الذهب، وتركه على سرير من الذهب مُرصَّع بالجواهر، وكان يجلس دون مجلس أبيه، وأقام يسجُد للتمثال هو وأهلُ مملكته خمسين ومئتي سنة، ثم مات.

فملك بعده ولده عيثرون (٢)، ففعل بأبيه ما فعل أبوه بجدِّه، وأقام مئتي سنة، ثم مات.

وملك بعده ولده عيتبان (٣)، ففعل بأبيه كذلك، وأقام ملكًا أربع مئة سنة، ثم مات.

فملك بعده ولده خرابان (٤)، ويقال: إنه أول مَن عَمِل المراكب بالصين وبعث بها إلى الأمصار، وجلب إليه التجارُ الأمتعةَ من الدنيا، وملك مئتي سنة، ثم مات.

فملك بعده ولده يونان (٥)، فبنى هيكلًا عظيمًا ورصَّعَه بالجواهر، وبنى فيه بيوتَ العبادات، ونقل أجسام آبائه وأجداده إليه، وجعلهم في قُبَّةٍ لها طاقات، وأمر بتعظيمها، وجمع خواصَّ مملكته، وقال: الرأي أن نجمع الناس على مِلَّةٍ وديانةٍ يرجعون إليها، فإن الملك متى عَدِم شريعة (٦) دخل عليه الخلل، ولم يأمَنِ العِثارَ.

فرتَّب لهم شريعةً عقليةً، وفرض عليهم فرائضَ جعلها رِباطًا، ورتَّبَ المناكح، والقصاص في النفوس، على حسب ما وردت به الشرائعُ، وجَعل عليهم صلواتٍ مفروضةً لخالقهم في اليوم والليلة، وفيها ركوعٌ وسجودٌ يختصان بأزمنةٍ، وأوجب الحدَّ علي الزاني والزانية، وأقام للكواكب أبْخِرةً من العقاقير (٧).

وساس الناسَ سيرةً عادلةً، فأحبَّه الناس، واعتقدوا فيه. وعاش مئةً وخَمسين سنة ثم مات، فجَزِعُوا عليه جَزَعًا عظيمًا، وجعلوه في تابوت من الذهب ورصَّعوه بالجواهر


(١) في مروج الذهب ١/ ٢٩٠: عوون، وفي تاريخ اليعقوبي ١/ ١٨٠: عرون.
(٢) في مروج الذهب ١/ ٢٩١: عيثدون.
(٣) في مروج الذهب ١/ ٢٩١: عيثنان، وفي تاريخ اليعقوبي ١/ ١٨٠: عينان.
(٤) في مروج الذهب ١/ ٢٩٢: حراتان، وفي تاريخ اليعقوبي ١/ ١٨١: خرابات.
(٥) في تاريخ اليعقوبي ١/ ١٨١، ومروج الذهب ١/ ٢٩٣: توتال.
(٦) في (خ) و (ك): شريعته، والمثبت من (ب) ومروج الذهب ١/ ٢٩٥.
(٧) في مروج الذهب ١/ ٢٩٦: وأمرهم بقرابين الهيكل، ودخن وأبخرة للكواكب، وجعل لكل كوكب منها وقتًا يتقرب إليه بدخن معلومة بأنواع الطيب والعقاقير محصورة.