وقال محمَّد بن الصابئ: وقيل: محمَّد بن عبد الملك الهَمَذاني [وَزَر لهما أربعًا وثلاثين سنة. وقال العماد الأصفهاني]: وزَرَ لهما حدود أربعين سنة.
ومن شعره: [من مخلع البسيط]
بعد الثمانينَ ليس لي قوةٌ … لهفي على قوةِ الصُّبوَّة
كأنَّنِي والعصا بكفِّي … موسى ولكِنْ بلا نُبُوَّة
ووصل نعيُ نظام الملك إِلَى بغداد يوم الأحد ثامن عشر رمضان، فجلس عميد الدولة للعزاء ثلاثة أيام فِي الديوان، وحضر النَّاس على طبقاتهم وحزنوا عليه، ولم يتخلَّف عن العزاء سوى الخليفة، وتأسَّف عليه؛ لأنه كان يعظِّمه عند السلطان، ويزيِّنه فِي عينيه، ويمنعه من الإقدام عليه، ويقضي حوائجه، ويوصل إليه أشياءَ كانت خارجةً عن إقطاعه.
أسند نظامُ الملك الحديثَ، وحدَّث بمرو ونيسابور والري وأصفهان وبغداد وفي مدرسته وبجامع المهدي، وكان يقول: إنِّي لأعلمُ أني لستُ من أهل الرواية للحديث النبوي، لكن أريد أن أربط نفسي على قطار النَّقَلةِ لحديث رسول الله ﷺ.
وحدَّث عنه جماعة، منهم: أبو الفضل الأرموي، وأبو القاسم بن العُكْبَري.
قال مقاتل بن عطية يرثيه: [من البسيط]
كانَ الوزيرُ نظامُ الملك لؤلؤةً … يتيمةً صاغَها الرحمنُ من شَرَفِ
عَزَّتْ فلم تعرفِ الأيامُ قيمتَها … فردَّها غَيرةً منهُ إِلَى الصَّدَفِ
وقال: [من الكامل]
قد قلتُ للرجل المُولَّى غسْلَهُ … لو قد أطاعَ وكنتُ من نُصحائِهِ
جنِّبهُ ماءَكَ ثمَّ غَسِّلهُ بما … أبكَتْ عيونُ المجدِ من آلائِهِ
وأزِلْ أفاوية (١) الحَنوطِ وطِيبَهُ … عنهُ وطيِّبْهُ بطيبِ ثنائِهِ
لا تُوهِ أعناقَ الرجالِ بحَمْلهِ … يكفيه ما فيهنَّ مِنْ نَعْمائِهِ
ومُرِ الكرامَ الكاتبينَ بحَمْلِهِ … شَرَفًا ألستَ تراهُمُ بإزائِهِ
(١) الأفاويه؛ جمع أفواه، وأفواه جمع فُوه: وهو ما يعالج به الطيب. الصحاح (فوه).