للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستنفرون من دمشق مع قاضيها زين الدين أبي سعد الهروي، فوصلوا بغداد، وحضروا في الديوان [وقطعوا شعورهم، واستغاثوا وبكوا، وقام القاضي في الديوان (١)] وأوردوا كلامًا أبكى الحاضرين، وندب من الديوان مَنْ يمضي إلى العساكر السلطاني ويعرِّفهم بهذه المصيبة، ووَقْعِ التقاعد، فقال القاضي الهروي -وقيل: هي لأبي بكر المظفر الأبيوردي (٢) -: [من الطويل]

مزَجْنا دماءً بالدموعِ السواجمِ (٣) … فلم يبقَ منَّا عُرضةٌ للمراجمِ (٤)

فإيهًا بني الإسلام إنَّ وراءَكُمْ … وقائعُ يُلحِقنَ الذُّرا بالمناسمِ (٥)

بحيثُ السيوفُ البيضُ مُحمرَّةُ الظُبا (٦) … وسُمْرُ العوالي دامياتُ اللَّهاذِمِ (٧)

وبين اختلاسِ الطَّعنِ والضربِ وقفةٌ … تظلُّ لها الولدانُ شِيبَ القوادمِ (٨)

وكيف تنامُ العينُ ملءَ جفونها … على هَفَواتٍ أيقَظَتْ كل نائم

وإخوانُكُمْ بالشَّامِ يُضحي مقيلُهُمْ … ظهورَ المذاكي (٩) أو بطونَ القشاعمِ (١٠)

يسومُهُمُ الرومُ الهوانَ وأنتمُ … تجرُّونَ ذيلَ الخَفْضِ فِعْلَ المُسالِمِ

وتلك حروبٌ مَنْ يغِبْ عن غِمارِها … ليَسْلَمَ يقرَعْ بعدَها سِنَّ نادِمِ

وكاد لهنَّ المُستَجِنُّ بطيبةٍ … يُنادي بأعلى الصوتِ يا آل هاشمِ

أرى أُمتي لا يشرعون إلى العِدى … رماحَهم والدين واهي الدعائمِ

ويجتنبون النارَ خوفًا من الرَّدى … ولا يحسبون العارَ ضربةَ لازمِ


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) والأبيات في المنتظم ١٧/ ٤٧ - ٤٨. والكامل ١٠/ ٢٨٤ - ٢٨٥، وتاريخ الإسلام ١٠/ ٦٦٩ - ٦٧٠، وفي غيرها من المصادر.
(٣) السواجم؛ من السجوم: وهو قطران الدمع وسيلانه.
(٤) تحرفت في الأصلين (خ) و (ب) إلى: للمناجم، والمثبت من المصادر، والمراجم: الكلم القبيحة.
(٥) المناسم؛ جمع مَنْسِم: وهو طرف خف البعير.
(٦) الظُّبا؛ جمع ظُبَةُ: وهو السيف والسنان والخنجر وما أشبهها.
(٧) اللهاذم، جمع لَهْذم: وهو كل شيء قاطع من سنان وسيف ونحوه.
(٨) القوادم، جمع قادم: وهو الرأس.
(٩) المذاكي: جمع مَذَكٍّ: وهي الخيل التي أتى عليها بعد قروحها سنة أو سنتان.
(١٠) القشاعم؛ جمع قِشْعام: وهو النسر المُسِنّ أو الضخم.