للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اتفقا على أن السلطنة لبركياروق، ولمحمد هَمَذان وقزوين والجزيرة ودياربكر، ثم نقض محمد العهد، وسافر إلى قزوين، وتبعه بركياروق فكسره، فمضى [إلى (١)] أصبهان وبركياروق خلفه، فحصره في أصبهان ثمانية أشهر، وجرى على محمد كلُّ مكروه، ولقي منه أهلُ البلد مصادراتٍ كثيرة، وأفسد عسكرُه في البلد، ثم هرب محمد في الليل، وخرج من بعض الأبواب سرًّا، فلم يصبح إلا على فراسخ، [فندب بركياروق إياز في طلبه، فلحقه وقد نزل الضعفُ خيلَهُ، فبعث إلى إياز يقول: لي في عنقك أيمان ومواثيق. فقال: اذهَبْ في دَعة الله. فقال: فخَيلي ضعفاءُ. فأعطاه خيلًا، فركبها محمد ومضى، ولم يُعجب بركياروق سلامةُ أخيه.

وفيها عمر صدقةُ الحِلَّة وانتقل إليها، وكان ينزل هو في بيت الشعر].

وفيها قبض بركياروق على إلكيا الهراسي، بلغه عنه أنَّه باطني، فكتب الخليفة إليه ببراءة ساحة إلكيا، وحسن [سيرته و] عقيدته ودينه، فأطلقه.

ولما اجتاز الشام فنزل ابنُ صَنْجيل الفرنجي على طرابلس، فكتب ابنُ عمار إلى دمشق يستنجدهم، فسار عسكرها مع جناح الدولة صاحب حمص إلى أنطرطوس، والتقوا، فانهزم جناح الدولة إلى حمص، وعاد فَلُّ المسلمين إلى دمشق في جمادى الآخرة، ومات المستعلي صاحب مصر، وقام ولدُه أبو علي مقامَه، وجهَّز الأفضلُ العساكرَ المصرية إلى الساحل، ووصلوا إلى عسقلان في رجب مع نصير الدولة يُمْن، وخرج بَرْدَويل من القدس في سبع مئة راجل وفارس، وكبس العسكرَ المصريَّ، فثبتوا، وقتلوا معظم من كان معه، وانهزم في ثلاثة نفر إلى الرملة، واختبأ في أجَمَة قصب فأحاط المسلمون به، وأحرقوا القصب، فوصلت النار إليه، فاحترق بعضُ جسده، وأفلت إلى يافا، وأُسِرَ رجالُه، وحُملوا إلى مصر في رجب، وعاد الفرنج إلى طرابلس، فعاد ابنُ عمار وكتب إلى دمشق وحمص، فجاؤوا ودفعوا الفرنج عنه.


(١) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.