للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد صلاة الجمعة سادس رجب، فجعل صدقة ابنه دُبَيْس في الميمنة، ومعه سعيد بن حُميد في بني خَفَاجة وجماعةٌ من الأكراد، وفي مقابلهم من عسكر السلطان البُرْسُقي والسَّعدية، وفي مَبْسرة صَدَقة ابنُه بَدْران، ومعه عُبادة بأَسْرها، وفي مقابلتهم [من عسكر السُّلْطان] (١) أحمديل وجماعةٌ من الأمراء، ووقفَ [سيفُ الدَّوْلة] (١) صدقةُ في القَلْب، ومعه سرخاب الدَّيلَمي، فَحَمَلَ البُرْسُقي، وثَبَتَتْ مَيمَنتُه ومَيسرتُه في أماكنها، وأما صَدَقةُ فوقعت خيله في الوَحَل [والماء والطين] (١) وكان [قد] (١) بَثَقَ (٢) البثوق [في موضع يقال له ريفانيا] (١) وتقاعد جماعةٌ من العَرَب عنه، فكشَفَ [صدقة] (١) رأسه وصاح: يا آل خُزَيمة، يا آل ناشِرة، يا آل عَوْف، أنا حاج (٣) الملوك، أنا ملكُ العرب، النار ولا العار، وقاتَلَ قتالًا شديدًا، فَرَشَقَتْه العَجَمُ رشقةً واحدة، فَخَرَجَ منهم عشرةُ آلاف نُشَّابة، فجاءه سَهْمٌ فوقع في ظَهْرِهِ، وسقط إلى الأرض، فنزل غلامٌ من السَّعدية، فَحَزَّ رأسه ولم يَعرِفه، وانهزمَ أصحابُهُ وأُسر ابنُه دُبَيس وسُرخاب الدَّيلَمي [الذي كان سببَ الفتنة] (١) وكانتِ القتلى من الفريقين ثلاثةَ الافٍ وزيادة، وأُخذ من خيمة صدقة خمس مئة ألف دينار، وجواهر لها قيمة، وكان عمره سِتًّا وخمسين سنة، وإمارته اثنتي عشرة سنة، وحُمِلَ، فَدُفِنَ في مشهد الحسين (٤).

وقال ابنُ القَلانسي في سنة إحدى وخمس مئة: ورَدَتِ الأخبارُ بوصول عسكر السُّلْطان محمَّد إلى بغداد في آخر شهر ربيع الآخر، وأعلَنَ صَدَقَةُ بالعِصيان خوفًا منه لِمَا بَلَغَه من إفساد شِحْنةِ بغداد وعميدِها حالهُ معه، ولم يَزَلِ السُّلْطان مقيمًا ببغداد إلى العشرين من شهر رجب، فاجتمع تقدير ثلاثين ألف فارس، واجتمع مع صدقة مِقْدار


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) البثق: كسرك شط النهر لينشق الماء، "اللسان" (بثق)، ريفانيا هكذا استظهرتها، وفي "الوافي بالوفيات": ١٦/ ٢٩٨ زرفيمياء، ولعله محرف عن زرفانية، وهي قرية كبيرة غربي دجلة قرب النعمانية، ويقال لها زرفامية، انظر "معجم البلدان" ٣/ ١٢٤، ١٣٧.
(٣) كذا في النسخ الخطية، وفي "المنتظم" أنا تاج الملوك.
(٤) انظر "المنتظم": ٩/ ١٥٦ - ١٥٧.
وفي (م) و (ش): وروي أن صدقة كان بينه وبينهما -يعني عسكر أحمديل- أنهار وسواحل (كذا) قلت: وسيأتي نحو هذه العبارة في الأسطر التالية نقلًا عن ابن القلانسي.