للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتزوَّجَ الخليفةُ ببنتِ السُّلْطان مَلِك شاه أُخْتِ محمَّد شاه، وتولَّى العَقْد من ناحيةِ محمَّد [شاه]، (١) وزيره سعيد بن نظام المُلْك (٢)، ومن ناحية الخليفة الوزير نظام الدِّين أحمد بن نظام المُلْك، وخَطَبَ أبو العلاء صاعد بن محمَّد الفقيه الحَنَفي.

وفيها أخذتِ الفرنجُ طَرابُلُس -وقيل في السَّنة الآتية (٣) - اجتمع عليها ملوكهم ريمند بن صنجيل في ستين مركبًا في البحر مشحونة بالمقاتلة، وطنكري صاحب أنطاكية، وبغدوين صاحب القُدْس، وشرعوا في قتالها، وضايقوها منذ أول شعبان إلى حادي عشر ذي الحِجَّة، وأسندوا أبراجهم إلى السُّور، فلما رأى مَنْ بها من العَسْكر وأهلِ البلد ذلك سُقِطَ في أيديهم، وأيقنوا بالهلاك مع تأخُّرِ أُسطول مِصر عنهم، وكان كلما سار الأُسْطول نحوهم رَدَّتْه الرِّيح إلى مِصر، فلما كان يوم الاثنين هَجَمها الفرنج ونهبوها، وأسروا رجالها، وسَبَوْا نساءها، وأخذوا أموالها وذخائرها مما لا يُحصى ولا يُحصر، واقتسموها بينهم، وساروا إلى جَبَلَة (٤)، وبها فخرُ المُلْك بن عَمَّار، فتَسَلَّموها بالأمان في ثاني عشري ذي الحِجَّة، وخَرَجَ منها ابنُ عَمَّار سالمًا، ووصل حينئذٍ الأُسطول المِصري، ولم يخرج فيما تقَدَّم من مِصر مِثْلُه، فوجدوا البلد قد أُخذ، فعادوا إلى مِصر، وجاء ابنُ عمار إلى شَيزَر، فيكرمه صاحِبُها سُلْطان بن علي بن مُنْقِذ


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) لم أجد في أولاد نظام الملك من اسمه سعيد، ولا من ولي الوزارة للسلطان محمد من تسمَّى بهذا الاسم، وقد جاء الخبر في "الكامل": ١٠/ ٤٧١ على النحو التالي "وفيها في شعبان تزوج الخليفة المستظهر بالله ابنة السلطان ملكَ شاه، وهي أخت السلطان عمد، وكان الذي خطب خطبة النكاح القاضي أبو العلاء صاعد بن محمد النيسابوري الحنفي، وكان المتولي لقبول العقد نظام الملك أحمد بن نظام الملك وزير السلطان بوكالة من الخليفة، وكان الصداق مئة ألف دينار، ونثرت الجواهر والدنانير، وكان العقد بأصبهان".
قلت: انظر عن أولاد نظام الملك، "معجم الأنساب" لزامباور: ٣٣٦، وانظر كذلك "المنتظم": ٩/ ١٥٩ - ١٦٠.
(٣) وهو ما اعتمده ابن الأثير في "كامله": ١٠/ ٤٧٥.
(٤) في "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٦٢، ٢٦٤: و"الكامل": ١٠/ ٤٧٦: جُبيل، وهو وهم، صوابه جَبَلَة كما ورد هنا، إذ إن جُبيل قرب بيروت، وأما جبلة فقرب اللاذقية، ومن المعروف أن ابن عمار استولى على جبلة سنة (٤٩٤ هـ)، وسار إليها عقب عودته من بغداد سنة (٥٠٢ هـ) -وقد سلف ذلك في حوادثهما- واستيلاء الفرنج على جُبيل إنما كان سنة (٤٩٧ هـ)، وقد ذكر ذلك ابن الأثير في "كامله": ١٠/ ٣٧٢، وانظر "تاريخ الحروب الصليبية" لرنسيمان (الترجمة العربية): ٢/ ١٠٦.