للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها نهضتِ الفرنجُ على رَفَنِيَّة (١)، وعَرَفَ طُغْتِكِين، فسار [بالعسكر] (٢)، وخيَّمَ بإزائهم بحِمْص، فلم يَقْدِروا على منازلة رَفَنِيَّة، وترددتْ بينهم مُراسلاتٌ أفضَتْ إلى تقريرِ الموادعة، على أن يكون للفرنج ثُلُث مُغَلِّ البِقاع، ويُسَلِّمُ إليهم حِصن المُنَيطِرة (٣) وحِصن عَكَّار (٤)، وأن لا يتعرَّضوا لِحصن مصياث (٥)، وحِصن الأكراد (٦)، وأن يَحمِلَ إليهم عنهما وعن حِصن الطُّوفان (٧) مالًا، فأقاموا مُدَّة يسيرة، ثم عاد الفرنج إلى الفساد [في البلاد] (٨).

وفيها عَزَمَ السُّلْطان محمَّد شاه على غَزْو الفرنج، وكَتَبَ في جُمادى الأولى إلى الأطراف يُخْبرهم بعزمه [والاستعداد للجهاد، وكتبَ إلى أتابك] (٩) طُغْتِكين أن يقيمَ مكانه بالعساكر حتى يأتيه الإمداد [ويدبر أمور العساكر] (٩)، فَعَرَضَت موانعُ [وعوائِقُ عاقَتْه] (٩) عن ذلك.

فلمَّا رأى طُغْتِكين تأخُّر العساكر سار إلى ناحية بغداد على طريق السَّماوة، ومعه فخر المُلْك بنُ عَمَّار، ومعه من الهدايا والتُّحَف ما يَصلُح للخليفة والسُّلْطان، وكان قَصدُه أن يُنْهي إليهما ما يجري بالشَّام من الفرنج، ويحرَّضَ السُّلْطان على الجهاد، فلما وَصَلَ وادي المياه بلغه أنَّ السُّلْطان قلَّدَ الشَّام غيرَه، فعَزَمَ على العَوْدِ إلى دمشق، وسلَّم الهدايا إلى ابنِ عمار، وقال: توجَّه إلى بغداد، وأخبِرْهم بما أنا فيه، وما قد بلغني. فسار إلى بغداد، فالتقاه الخواصُّ، وسُرُّوا بقدومه، وظَهَرَ بُطْلان ما قيل (١٠).


(١) كورة من أعمال حمص. انظر "معجم البلدان": ٣/ ٥٥.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب) و (م) و (ش).
(٣) حصن قريب من طرابلس. "معجم البلدان": ٥/ ٢١٧.
(٤) في (ع) و (ب) حصن ابن عكار، بزيادة ابن، والمثبت من (م) و (ش)، وهو يقع إلى الشمال الشرقي من طرابلس. انظر "القلاع في أيام الحروب الصليبية": ٦٠.
(٥) ويقال مصياف، وهو حصن يقع قرب طرابلس، انظر "معجم البلدان": ٥/ ١٤٤، و"القلاع في أيام الحروب الصليبية": ٨٨ - ٨٩.
(٦) يعرف الآن بقلعة الحصين، وهو إلى الغرب من حمص. انظر "القلاع": ٧٦.
(٧) لم أقع على من ذكره وعَيَّن موضعه.
(٨) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٩) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(١٠) انظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٦٥ - ٢٦٦.