للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها ظهر قَومٌ من كافر تُرْك، ووصلوا إلى جيحون، فقتلوا وسَبَوا وأفسدوا، فبعث إليهم السُّلْطان [أبو الحارث سنجرشاه بن ملك شاه] (١) العساكر، فقتلوا منهم مَقْتَلةً عظيمة، وعادوا مفلولين (٢).

وفيها ظهر كوكب الذنب، فأقام من ذي القَعدة إلى آخر ذي الحِجَّة وغاب، وكانت ذُؤابته من المشرق إلى القِبْلة (٢).

وفيها كاتب محمدُ شاه سُكْمان صاحِبَ أرْمينية وخِلاط ومَيَّافارِقِين، وشَرَفَ الدِّين مودود صاحب المَوْصِل، ونجم الدِّين إيل غازي صاحب مارِدِين بالاجتماع على جهاد الفرنج، فاجتمعوا في خَلْقٍ كثير، وقالوا: نبدأ بالرُّها، فهذا فرَغْنا منها سِرْنا إلى الشَّام، فنزلوا عليها في شَوَّال، وضيَّقوا على أهلها، ومنعوهم المِيرَة، وبلغ الفرنج، فاجتمع طنكري صاحب أنطاكية وابن صنجيل صاحب طرابلس وبغدوين صاحب القُدْس، وتحالفوا على المسير إلى الرُّها، والذَّبِّ عنها، والصبرِ على الحرب، ورَحَلُوا بأسْرهم إلى ناحية الرُّها، وعَلِمَ طُغْتِكِين، فسار في العَسْكر إلى ناحية الرَّقَّة وقلعة جَعْبَر، فوَجَدَ الفرنج على الفُرَات قد أحجموا عن عُبورها خوفًا من المسلمين. وبلغَ المسلمين [خبرهم] (٣) فرحلوا عن الرُّها طالبين الفرات يريدون الفرنج، فوجدوا سرَعانَ الخيلِ (٤) قد قطعوا الفرات، ومعهم بعضُ أثقالهم، فمالوا عليهم قتلًا [وأسرًا] (٥) وتغريقًا في الفرات، وامتلأتِ الأيدي من الغنائم والسَّبْي والدَّوابِّ، وعاد الفرنجُ إلى مراكزهم.

وكان طُغْتِكين على عَزْمِ أن يلقاهم مع المسلمين، فلمَّا رجعوا عاد إلى دمشق خوفًا عليها، وعاد المسلمون إلى الرُّها، فطال عليهم منازلَتُها، فتفرَّقوا إلى بلادهم.

ولما عاد بغدوين جعل طريقه على البقاع، فأسَرَ وقتل، ثم عاد إلى صَيدا، ونازلَها، ونَصب عليها الأبراج، فأيقنوا بأخذِها، فأخرجوا إليه قاضيها وجماعةً من شهودها،


(١) في (ع) و (ب): السلطان سنجرشاه، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) انظر "ذيل تاريخ دمشق": ٢٧٠.
(٣) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا يقتضيها السياق.
(٤) سرعان الخيل: أوائلها. "اللسان" (مع).
(٥) ما بين حاصرتين من (ب).