للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها اشتدَّ خوفُ أهلِ صور من نزولِ الفرنج [عليها مرَّة ثانية] (١)، فاتفقوا مع واليها عِزِّ الملك أنوشتِكِين الأفضلي على تسليمها إلى ظهير الدِّين طُغْتِكِين، بحُكْمِ ما سَبَقَ من نُصرته لهم، وما عانى من الشِّدَّة في دَفْعِ العدوِّ عنهم، فراسلوا طُغْتِكين في هذا المعنى، فجاء الرَّسولُ إلى بانياس، وواليها سيف الدولة مسعود، فأخبره، فسار مسعود معه إلى دمشق، فوجد أتابك قد مضى إلى ناحية حماة ليتَّفق مع رِضوان صاحب حلب على أمرٍ، فخافَ مسعود أن يتأخر الأمر إلى حينِ عَودِ أتابك من حماة، فيسبق بغدوين فينزل على صور، فَيَفُوتُ الغَرَض، فتحدَّث مع تاجِ الملوك بُوري بالمسير معه إلى بانياس [وانتهاز الفُرصة في تسليم صور] (٢)، فأجابه، وسار معه إلى بانياس، وتَمَّ مسعود إلى صور، ومعه من يُعتمد عليه من العَسْكر، وبلغ أتابك فبعث قطعةً من الأتراك إلى تقوية صور، فساروا إليها ودخلوها، وأنفق فيهم أتابك، وطابَتْ أنفوسُ أهلِ صور] (٣)، وأُجروا في الرَّسم على الخُطْبة والسِّكَّة لصاحب مِصر، [ولم يغير عليهم شيئًا] (٤) وكتَبَ أتابك إلى الأفضل: إنَّ الفرنج نزلوا على صور وشارفوا أخْذَها، وبَعَثَ أهلُها إليَّ يستنجدوا بي، وإنني أنجدتهم بنفسي ومالي ورجالي، وسألوني بعد ذلك إنفاذَ عسكرٍ إليهم، فبعثْتُ [إليهم] (٤) رجالي، ومتى وصل إليها من مِصر من يَذُبُّ عنها سلَّمتُها إليه، فلا تهمل حال الأُسطول، وإنفاذ الغَلَّة والقُوة (٥).

وجاء بغدوين إلى عكا، فبلغه الخبر، فتوقف، وفاتَ غرضه، ولما فاتَ غرضُه شَرَعَ في الغارات على حوران، والسَّواد، وكَثُرَ فسادُه، فكتَبَ أتابك إلى مودود [صاحب المَوْصِل] (٤) يخبره ويطلُبُ نجدتَه، وكانا قد اتفقا وتصادقا، [وتحاببا محبّةً عظيمة] (٤)، فسار مودود بعساكره، فقَطَعَ الفرات، وخَرَجَ إليه أتابك، فالتقيا على سَلَمْية، واتَّفق رأيُهما على قَصدِ بغدوين، وساروا من حِمْص بعساكر الشَّرق وحمص،


(١) في (ع) عليهم في ثاني مرة، والمثبت ما بين حاصرتين من (ب) و (م).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) في (ع) نفوسهم، والمثبت ما بين حاصرتين من (ب) و (م).
(٤) ما بين حاصرتين من (م).
(٥) انظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٩٠ - ٢٩١.