للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقد كان أبوه رضوان في مبدأ أمره فَعَلَ مِثْلَ فِعْله؛ قَتَلَ إخوته من تاج الدولة أَبا طالب وبَهْرام شاه، وكانا على غاية من حُسْنِ الصُّورة، قال: فَفَعَلَ ولدُه بولديه مكافأةً عما فعل في إخوته] (١).

وكان أمر الباطنية قد قوي بحلب، [واشتدَّت شوكته، وخاف البديع رئيس الأحداث بحلب، وأعيان البلد منهم] (١)، وكان الحكيم المنجم [و] (١) أبو طاهر الصَّائغ أوَّل مَنْ أظهر هذا المذهب بالشَّام في أيام رضوان، فمال إليهم خَلْق كثير، من جبلِ السمَّاق وسَرْمِين (٢) والمَعَرَّة وتلك النَواحي، فقرر البديعُ رئيسًا لأحداث بحلب مع ألب أرسلان الإيقاع بهم، فَقَبَضَ على أبي طاهر الصَّائغ، ومَنْ دَخَلَ معه، وهم زُهاءُ مئتي نفس، وقتَلَ في الحال أَبا طاهر [الصائغ] (١) وإسماعيل الداعي، وأخا الحكيم المنجم وأعيانهم، وحَبَسَ بعضهم، واستصفيتْ أموالُهم، ومنهم من رُمي من أعلى القلعة، ومنهم من خُنِقَ وقتل، وهرب بعضُهم إلى الفرنج، وتفرَّقوا في البلاد، وَدَعَتْ ألب أرسلان الحاجةُ إلى من يدبره، فراسل طُغْتِكين فلم يُجِبْه، فَخَرَجَ بنفسه إلى دمشق في رمضان، فخدمه أتابك، [وقام في خدمته على ما ذكرنا] (١)، وسار معه إلى حلب، فأقام يُدَبِّر أموره، فحبس الصَّبيُّ جماعةً من أصحابه منهم وزيرُ أَبيه الفَضْل بن الموصول -وكان محمود السِّيرة مشهورًا بفعل الخير- وقبض أعيانَ عسكر أَبيه، فحين رأى أتابك أموره على غير السَّداد، [وبان له اختلال التدبير وفسَاد الحال] (١)، عاد إلى دمشق ومعه والدة [الملك رضوان بسؤالها ورغبتها في ذلك] (٣).


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)
(٢) جبل السماق: هو جبل من أعمال حلب الغربية، وسرمين: بلدة مشهورة من أعمال حلب، انظر "معجم البلدان": ٢/ ١٠٢، ٣/ ٢١٥.
(٣) في (ع) و (ب): ومعه والدة رضوان بسؤالها، والمثبت ما بين حاصرتين من (م)، وانظر "ذيل تاريخ دمشق": ٣٠١ - ٣٠٣.