للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعُجْ على دَيْرِ (١) داريَّا فإنَّ به … الرُّهبانَ ما بَينَ قِسِّيسٍ وشَمَّاسِ

واشْرَبْ مُعَتَّقةً مِنْ كَفِّ كافِرَةٍ … تسقيك خَمْرَينِ من لَحْظٍ ومن كاسِ

ثُمَّ اسْتَمِعْ رَنَّةَ الأَوْتارِ مِنْ رشأٍ … مُهَفْهَفٍ طَرْفُهُ أمضى من الماسِ

غَنَّى بشِعْرِ امْرئٍ في النَّاس مُشْتَهرٍ … مُدَوَّنٍ عندهم في صَدْرِ قِرْطاسِ

لولا نسيمٌ بذِكراكُمْ يُرَوِّحُني … لكنتُ مُحتَرِقًا مِنْ حَرِّ أنفاسي

[وكانت (٢) وفاته في ربيع الأول، ودفن بمقبرة العقبة (٣) بالجانب الغربي عند رباط البِسْطامي، ولما احتضر جعل يردد هذا البيت: [من المتقارب]

وما كنتُمُ تعرفون (٤) الجَفَا … فممن ترى قد تعلمتُمُ

هذا صورة ما ذكره جدي في "المنتظم" (٥) عن محمَّد بن طاهر.

وذكره الحافظ ابن عساكر في "تاريخه"، فقال: كان ابنُ طاهر يُعْرَفُ بابنِ القَيسَراني، طافَ الدُّنيا في طلب الحديث، وسمِعَ بالعراق والشَّام ومِصر وخُرَاسان والجبل، وقدِمَ دمشق في سنة إحدى وسبعين وأربع مئة، فسَمِعَ أَبا القاسم بن أبي العلاء، وبمصر إبراهيم بن سعيد الحَبَّال، وأبا الحسن الخِلعي وغيرهم، وله مصنفاتٌ كثيرة إلَّا أنَّه كثير الوَهَم، وله شِعرٌ حسن مع أنَّه ما كان يُحْسِنُ النحو.


(١) في (ع) دار، والمثبت من (ب).
(٢) جاء في (ع) و (ب) في آخر الترجمة:
تُوفِّي ابن طاهر في ربيع الأول، ودفن بمقبرة العقبة بالجانب الغربي عند رباط البسطامي، ولما احتضر جعل يردد هذا البيت:
وما كنتمُ تعرفون الجفا … فممن ترى قد تعلمتمُ
وكان يعرف بابن القيسراني، وطاف الدنيا في طلب الحديث، وسمع بالعراق والشَّام ومصر وخراسان والجبل، وقدم دمشق، وما كان يحسن النحو، وله شعر حسن.
قلت: وفي هذا تداخل بين ما ذكره ابن الجوزي في "المنتظم"، وما ذكره ابن عساكر في "تاريخه"، وقد آثرت تقديم ما بين حاصرتين من (م) هنا لتستقيم الترجمة مع ما ورد في المصدرين اللذين ألمع إليهما سبط ابن الجوزي في صدر الترجمة، وليكون بناء الترجمة أقرب إلى ما كتبه السبط، وفي ذلك دليل أَيضًا إلى أن ما بين أيدينا من مرآة الزمان هو المختصر منه.
(٣) كذا في النسخ الخطية ومطبوع "المنتظم"، وفي "تاريخ ابن عساكر" و"وفيات الأعيان": في المقبرة العتيقة، وهو الصواب.
(٤) في (م) تعلمون، والمثبت من (ع) و (ب).
(٥) انظر "المنتظم": ٩/ ١٧٧ - ١٧٩.