للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان دُبَيْس قد نَدِمَ على تسليمه، لأنَّه أراد أن يَشْغَبَ به، فلما مُنِعَ مضى إلى مشهد الحسين ، فكسر المِنْبر، وفَعَلَ ذلك بمشهد أَمير المؤمنين عليٍّ ، وقال: لا يقام هاهنا خُطبة لأحدٍ. وقطَعَ الخُطْبة.

وفيها أحضر المسترشد أخاه أبا الحسن، وقال له: أنت قد عزمتَ على الهرب، وتريد أن تشعث علينا. فحلف أنه لم يفعل، فأُعيد إلى مكانه، وضُيِّق عليه (١).

وقال ابنُ القلانسي: وفيها وردت الأخبار من العراق بأن السلطان محمود بن محمد توجَّه إلى عمه سنجر إلى خراسان، ووطئ بساطه بعدما جرى بينهما من الحروب [والوقائع ما جرى] (٢) فأكرمه وخدمه وزوَّجه ابنتَه، وأقَرَّه على ملكه، وعاد [سالمًا] (٢) ظافرًا بما أراد إلى أصفهان (٣).

وفيها اجتمع طُغْتِكين وإيلغازي على حلب للموعد الذي كان بينهما، ومعهما من التُّرْكمان خَلْقٌ كثير، وخرج صاحبُ أنطاكية في عشرين ألفًا، والتقوا في ربيع الأول، فهزم الله الكُفَّار، وتبعهم المسلمون قَتْلًا وأَسْرًا بحيث أَتَوا على مُعْظمهم، ولم يبق بأنطاكية من يحميها، فوقع التغافل عنها.

وقيل إنَّ طُغْتِكين لم يحضُرْ هذه الوقعة، لأنَّ التركمان تسارعوا إلى القتال قبل مجيئه، وقيل: بل أدركها في آخر الأمر (٤).

وعاد إلى دمشق، فصادف خاتون صفوة [الملك] (٢)، أُمّ دُقاق مريضة، فأوصَتْ إليه، [فقبل وصيتَها] (٢)، وتوفيت يوم الأحد سَلْخ جُمادى الأولى، ودُفِنَتْ عند ولدها دُقاق في القُبَّة التي بَنتها على القلعة المُطِلَّة على المَيدان الأخضر، وكانت كثيرةَ الصَّدقات، غزيرةَ الخيرات، وحَزِنَ طُغْتِكين عليها، وأنفذ وَصِيّتَها (٥).


(١) انظر "المنتظم": ٩/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٣٢١، وانظر حاشيتنا رقم ٤، ص ١١٨ من هذا الجزء.
(٤) "ذيل تاريخ دمشق": ٣١٩ - ٠ ٣٢.
(٥) "ذيل تاريخ دمشق": ٣٢٠ - ٣٢١، وبعد هذا الخبر جاء في (م) و (ش) خبر ظهور قبور الأنبياء الآتي ص ١٢١ من هذا الجزء.