للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي جمادى الأُولى ارتفعت سحابةٌ على بلد المَوْصِل، فأمطرتْ نارًا أحرقت ما مَطَرَت عليه.

وقُتِلَ الآمر صاحب مِصر.

وفيها استَوْزَرَ بُوري المُفَرِّجَ بنَ الصُّوفي، وكان ضعيفَ الكتابة إلَّا أَنَّ رأيه كان سديدًا، ومذهبه في النَّاهة حميدًا، فَعَدَل وأحسن، وولَّى في الأعمال الثِّقات والكُفاة.

وفيها وَصَلَ زَنْكي بن آق سُنْقُر إلى حلب من المَوْصِل وقد أَظْهَرَ أَنَّه على عَزْمِ الجهاد، وراسل بُوري يلتمس منه المعونة على محاربة الفرنج، فأرسل إليه مَنِ اسْتَحْلفه الأيمان المغلَّظَة، واستوثق منه لنفسه ولصاحب حِمْص وحماة وأصحاب الأطراف، وكان سونج بن بوري بحماة، فبعث إليه من دمشق خمس مئة فارس، وأمره بالمُضي إلى خدمة زَنْكي، وكان في عسكر بوري أعيان الأُمراء، فسار سونج من حماة إلى حلب، فأحسن زَنْكي لقاءهم وأكرمهم، وغافلهم أيامًا وقَبَضَ عليهم، وسونج في الجُمْلة، ونَهَبَ خيامهم وأثقالهم، وهَرَبَ منهم من قَدَر، وجاء في يومه إلى حماة، فاستولى على ما فيها لخلوِّها من الرّجال، ورحل إلى حِمْص وكان صاحبها خيرخان معه، وهو الذي حَسَّنَ له الغَدْر، فحين حصل على حِمْص اعتقله ونَهَبَه، وطلبَ منه تسليمَ حِمْص، فأبى مَنْ في القلعة وقاتلوه، فأقام أيامًا ورحل إلى المَوْصل، ومعه سونج بن بوري، واعتقل الباقين في حلب، وقيدهم، والتمس منهم خمسين أَلْف دينار، فشرع بُوري في تحصيلها، ولما بلغ الملوكَ فِعْلُ زَنْكي لعنوه وسَبُّوه ونفروا منه، وساءت سيرته، وبلغ السلطان، فَجَهَّز إليه [جيشًا] (١)، فمَرِضَ واشتغل بمَرَضِهِ.

وفيها ظهر بالعراق عقاربُ طَيَّارة لها أجنحة، وهي ذاتُ شوكتين، فقتلتْ من الأطفال خَلْقًا كثيرًا.


(١) ما بين حاصرتين من (ح).