والمستحيل: ما لا يمكن كونه؛ كالجمع بين الضِّدَّين.
وهذه الضرورة مستقِّرةٌ في نفوس العقلاء بأجمعهم؛ أَنَّ الفعل لا بُدَّ له من فاعل، وأَنَّ الفاعل ليس في وجوده شكٌّ، وهذا معنى قوله ﴿قَالتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ١٠] وما انتفى عنه الشَّكُّ وَجَبَ كونه معلومًا، فَثَبَتَ بهذا أَنَّ الباري يُعْلَمُ بضرورة العقل، وبحدوث نفسه أيضًا، لأَنَه يَعْلَمُ أَنَّ له صانعًا صنعه، لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيئًا﴾ [مريم: ٩] وذى الآياتَ التي فيها خَلْقُ الإنسان، ثم قال: فالسَّموات والأرضُ وجميعُ الموجودات يُعْلَمُ بها وجودُ الباري، وكذا الليل والنهار والحيوانات، وقد نبه الله على خَلْقها في آياتٍ كقوله ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٦٤] الآية.
ثم قال: وإذا كان خالقَ كلِّ شيء عُلِمَ أنه لا يشبهه شيء لأنَّه ليس من جِنْسها ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ [النحل: ١٧].
ثم ذكر فصولًا في دَفْعِ التَّشْبيه والتكييف والتعطيل، وأَثْبَتَ التَّوحيد والتَّنزيه، ثم قال: عَرَفه العارفون بأفعاله، ونفوا التكييف عن عِزَّته وجلاله.
ثم قال: وما وَرَدَ من الآيات المتشابهات كآيات النُّزول ونحوها، فيجب الإيمانُ بها مع نفي الكيفية، قال الله تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ [آل عمران: ٧] الآية. فقد أثنى الله عليهم، وقالت عائشة ﵂: إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله، فاحذروهم. وليس الباري متصِلٌ بخَلْقِهِ.
ثم قال: وهو عالم بِعلْمٍ واحد، قادِرٌ بقُدْرةٍ واحدة.
ثم أَثْبَتَ القَدَر، وقال: وجميعُ المخلوقات صادِرَةٌ عن قَضَائه وقَدَره، قَدَّرها في أزلِيَّته من غير زيادةٍ ولا نُقْصان، لا تبديلَ في المقدور، ولا تحويل في المحتوم، أوجدها بغير واسطة ولا بعِلَّة، وليس له شريكٌ في إيجادها ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]. ثم قال: وأسماؤه موقوفة على إذْنه، لا يُسمَّى إلا