للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأضحى يَتِيْه على كلِّ ما … [بُني مَغْرِبًا كان أو مَشْرقا] (١)

وكتب على الباب: [من السريع]

إنْ عَجِبَ الرَّاؤون مِنْ ظاهري … فباطني لو عَلِموا أَعْجَبُ

شيَّدني مَنْ كَفُّه مُزْنةٌ … يحملُ منها العارِضُ الصَّيِّبُ

ودَبَّجَتْ (٢) رَوْضةُ أخلاقِهِ … فيَّ رياضًا (٣) نَوْرُها مُذْهبُ

ثم إنَّ المسترشد اطَّلَع عليه أنَّه يكاتب دُبَيسًا، فامر بنقض الدَّار، فَنُقِضَتْ، وهرَبَ إلى تكريت (٤)، فاستجار ببِهْروز الخادم، وأقام عنده مُدَّة، ثم شَفَعَ فيه، فعفا الخليفةُ عنه، وهو القائل: [من البسيط]

دَعِ الهوى لأُناسٍ يعرفون به … قد مارسوا الحُبَّ حتى لانَ أَصعَبُهُ

بلوتَ نَفْسَك فيما لستَ تَخْبُرُه … والشيءُ صعْب على مَنْ لا يُجرِّبُهُ

أفنى (٥) اصطبارًا وإنْ لم أستطع جَلَدًا … فَرُبَّ مُدرِكِ أَمرٍ عَزَّ مَطْلَبُهُ

أحنو الضُّلُوعَ على قَلْبٍ يحيِّرني … في كلِّ يومٍ ويُعييني تَقَلُّبُهُ

تناوحُ الرِّيحِ من نَجْدٍ يُهيِّجُهُ … ولامعُ البَرقِ من نَعْمانَ (٦) يُطْرِبُهُ

وقال أيضًا: [من الرَّمل]

هذه الخَيفُ وهاتيك مِنى … فترفقْ أيها الحادي بنا

واحبسِ الرَّكْبَ علينا ساعةً … نَنْدُبُ الرَّبْعَ ونبكي الدِّمَنا

فلذا الموقف أَعددنا البُكا … ولذا اليوم الدُّموع تُقْتنى

زمنًا كانوا وكُنَّا جِيرَةً … يا أعادَ الله ذاك الزَّمنا

بَينُنا يومَ أُثيلاتِ النَّقا … كان عن غيرِ تراضٍ بَينَنا


(١) في (ع) و (ح): بنى مغربًا وبنى مشرقًا، والمثبت ما بين حاصرتين من (م)، وهو الموافق لرواية "المنتظم": ١٠/ ٨١.
(٢) أي زينت. "معجم من اللغة": ٢/ ٣٧٠.
(٣) في (ع) و (ح) و (ش) في رياض، والمثبت من (م).
(٤) سلف خبر ذلك ص ١٧٠.
(٥) في (ع) و (ح): أين، و (ش): أقر، والمثبت من (م).
(٦) نعمان: وادٍ بين مكة والطائف. "معجم البلدان": ٥/ ٢٩٣.