للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَدِمَ ابنُ العَبَّادي في رسالةِ السُّلْطان إلى الخليفة، فالتقاه أربابُ الدَّوْلة سوى الوزير.

وولى المقتفي يحيى بن جعفر المخزن، ولقبه زعيم الدِّين.

وفي رمضان هرب إسماعيل بن المستظهر أخو الخليفة من الدَّار، وخرج وعلى رأسه طبق، فاختبأ بباب الأَزَج يومين، وقامت على الخليفة القيامة، ووثب الخَدَمُ في طلبه، فجاؤوا به، فَرَدَّه إلى الدَّار، واحتيط عليه.

وفيها فتح نور الدين حِصن أَرْتاح وكَفْرلاثا من بلد حلب.

وفيها استولى عبد المؤمن بن علي على مَرَّاكُش مدينة المغرب بالسَّيف، وقَتَلَ مَنْ بها من المقاتلة، ولم يتعرَّض للرَّعية، وأحضر اليهود والنَّصارى، وقال: إنَّ الإمام المهدي أمرني أن لا أُقِرَّ النَّاس إلا على مِلَّة الإسلام، وأنتم تزعمون أنَّ بعد الخمس مئة يظهر من ينصر شريعتكم، وقد انقضتِ المُدَّة، وأنا مخيِّركم بين ثلاث: إمَّا أَنْ تُسْلِمُوا، وإما أن تلحقوا بدار الحَرْب، وإمَّا [أن] (١) أضرب رقابكم. فأسلم منهم طائفة، ولحق بدار الحَرْب أُخرى.

وأَخْرَبَ الكنائس والبيع ورَدَّها مساجد، وأبطل الجِزْية، وفعل ذلك في جميع ولاياته، ثم فَرَّق بيتَ المال وكَنَسَه، وصلَّى فيه، وأمر النَّاسَ بالدُّخول إليه والصَّلاة [فيه] (١) كما فَعَلَ أميرُ المؤمنين عليٌّ ، وقَصَدَ حُسْنَ السِّيرة، وليعلم النَّاس أنَّه لا يُؤْثر جَمْعَ المال، ولا يدَّخر شيئًا.

ثم أقام معالم الإسلام والحدود على الوجه الشَّرْعي مع السِّياسة الكاملة. وقال: مَنْ ترك الصَّلاة ثلاثة أيام، فاقتلوه. وشدَّد في الأمور، فلم يَدَع منكرًا إلَّا وأزاله، وكان يُصَلِّي بالناس الصَّلوات الخمس، ويقرأ في كل يوم سُبعًا من القرآن بعد صلاة الصُّبْح، ويَلْبَسُ الصُّوف، ويصوم الاثنين والخميس، ويَقْسِمُ الفيء على الوجه الشَّرْعي، فأحبَّه النَّاس، [ومالوا إليه] (١) لِنَسْخه أفعال مَنْ تقدَّمه.

وحجَّ بالنَّاس قيماز، ولم يَزُرْ رسولَ الله لقِلَّة الماءِ في الطَّريق.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).