للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماتَ في ثالث عشر (١) ربيع الآخر شَرَع الأمير (٢) مجيرِ الدِّين أبق في الانحلال، [وآل أمره إلى الاضمحلالِ] (٣).

قال أبو يعلى بن القلانسي: كان معين الدين بحوران في عساكر دمشق مقابل الفرنج يحفظُ البلادَ من غاراتهم، فَمَرِضَ بدوز نطاريا، وضَعُفَتْ قوَّته، وهو مع هذا يركب كلَّ يومٍ في العساكر يُرْعِبُ العدوَّ، فخِيف عليه، فَحُمِلَ في مِحَفَّةٍ إلى دمشق، فزاد به المرض، فتوفي يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر، ودُفِنَ في إيوان الدَّار التي كان يسكنها، ثم نُقِلَ إلى المدرسة التي عَمَرَها. ولمَّا فُرغَ من دَفْنه اجتمع حسام الدِّين بُلاق ومؤّيَد الدِّين الرَّئيس ومجاهد الدِّين بُزَان وأعيان الأجناد عند مجير الدِّين، واتَّفقوا على إصلاح الأحوال.

ونادى مجير الدِّين بإبطال المكوس وما يضرُّ الرَّعية، ثم استوحش مؤيَّد الدِّين بنُ الصُّوفي من مجير الدِّين، فجمع الغوغاء والأحداث، وأعطاهم السِّلاح، ورتَّبهم حول داره ودارِ أخيه زين الدَّوْلة حيدرة للاحتماء بهم، وذلك في شهر رجب، فراسلهما مجير الدِّين بما طيَّبَ قلوبهما، فما التفتا، وقصدا باب الحَبْس وكسراه، وأطلقا مَنْ كان فيه، واستنفرا العوام من أهل الشَّاغور وقَصر حَجَّاج وباب شَرْقي (٤)، فَعَزَمَ مجيرُ الدِّين على تفرقة السِّلاح في العساكر والخروج من القلعة لقتالهم، فأشار جماعةٌ بالتَّأني، وقالوا: نخافُ على البلد من النَّهْب والحريق. ووقعتِ المراسلاتُ، فاتفق الحالُ على أن يكون الرَّئيس مؤيَّد الدِّين ملازمًا لداره، وأن يكون ولدُه وولدُ أخيه في الخِدْمة، فأقام، ثم أثار الفِتْنة، وجَمَعَ العوام والفلاحين، وزحفوا إلى القلعة، واقتتلوا إلى أن تقرَّر أنَّ مجير الدين يُبْعِدُ عنه من كره الرئيس مؤيد الدِّين، وعاد الرَّئيس إلى وزارته على حاله.


(١) كذا في النسخ الخطية، وسيأتي نقلًا عن ابن القلانسي أنه توفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر، وهو الصواب.
(٢) في (ع) و (ح) أمر، والمثبت من (م) و (ش).
(٣) في (ح) إلى الاضمحلال، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) أحياء في دمشق ما زالت تحمل الأسماء نفسها.