للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفي السلطان مسعود، ووصل الخبر إلى بغداد، فقَبَضَ الخليفةُ على جماعةٍ كانوا ينتمون إلى الأعاجم، ويتسمجون في حقِّ الخلافة بما لا يليق [على المنابر وغيرها] (١) مثل أبي النَّجيب السُّهْرَوَرْدي والحيصَ بيص [الشاعر] (١)، [وأُهينا] (١)، فأخرج أبو النَّجيب إلى باب النُّوبي، وضُرِبَ سبع دِرَر، ورُدَّ إلى الحَبْس. وكان في [بعض] (١) الليالي قد صَعِدَ على سطح النِّظامية وأومى إلى دار الخليفة، وقال: تولي ابن المُرَخِّم على المُسْلمين، ما بايعناك على ذا!

وهرب مسعود البلالي شحنة بغداد إلى تَكْريت، وجلس الوزير في بيت النّوبة لعزاء مسعود.

وأمر الخليفةُ ابنَ النظام بأن يذكر الدَّرْس بالنظامية، ويخْرج مَنْ فيها من الفقهاء أصحابِ أبي النَّجيب، وكانوا يسيئون الأدب، ويستطيلون بالأعاجم.

وبلغ الخليفة أنَّ واسطًا قد عَصَتْ، فخرج إليها بنفسه ووزيره وولي عهده، وسار في [شوال في دَسْتِ الخلافة، ووصل إلى واسط، فأقام بها أيامًا، ومضى إلى الحلَّة والكوفة، وهرب مهَلْهِل بن علي، وزار الخليفة المشهدين، وعاد إلى بغداد] (٢).

وغلقت بغداد وضربت القِباب، واشتغل النَّاسُ باللَّهْو، وخُطِبَ لولي العهد يوم الجمعة غُرَّة ذي الحِجَّة.

وفي المحرَّم فَتَحَ نورُ الدِّين محمود حصن أَنْطَرْسُوس عَنْوَةً، فطلبوا الأمان على النُّفوس، فأمَّنهم، وملك عِدَّةً من الحصون منها المَرْقَب (٣)، وكان على الإسلامِ منه ضررٌ عظيم. وحجَّ بالنَّاس قَيْماز الأُرجُواني.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ع) و (ح): وسار في أبهة الخلافة، ووصلها، وأقام بها أيامًا، وعاد إلى بغداد في ذي القعدة .. والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) كذا قال، وهو وهم، إذ لم يذكر أحد ممن أرخ لنور الدين أنه استولى على حصن المرقب، والمعروف أنه بقي في يد الفرنج حتى فتحه السلطان سيف الدين قلاوون، سنة (٦٨٤ هـ)، انظر "السلوك" للمقريزي: ج ١ / ق ٢/ ٧٢٧ - ٧٢٨.