للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين ترشك وبين ظفر بن هُبيرة منافسة في الرُّتْبة، وأراد ترشك أن يكون أمره على ابنِ هبيرة فلم يفعل، وكتَبَ إلى الخليفة يشكوه، فأرسل إلى ابنِ هبيرة بالقَبْضِ عليه، وأَحَسَّ ترشك بذلك، فكتب إلى القلعة يقول لمسعود: أنا معك، وقد عَزَمْتُ على قَبْضِ ابنِ الوزير ومن معنا من الأُمراء، وأُسَلِّمهم إليك. ثم قال للعساكر: اركبوا للزَّحْف، فركبوا، واشتغلوا بالقتال، فَقَبَضَ (١) ترشك على ابنِ الوزير ونجاح ويرنقش، وبعث بهم إلى القلعة، وأخذ أموالهم وسلاحهم وخيولهم، ونَزَل مسعود من القلعة، وخَلَعَ على ترشك الخِلْعة التي خَلَعَ عليه السُّلْطان، وأعطاه الخيل بمراكب الذَّهب، والأموال، وأضاف إليه التركمان، وقصدوا طريقَ خُراسان، فخرج الخليفة بنفسه ووزيره، فهربوا من بين يديه.

وجاء الخليفة إلى تكريت، وأقام عليها أيامًا، ثم رجع إلى بغداد، وبلغه أن ملك شاه استولى على واسط، فخرج إليها، فانهزم ملك شاه، فعاد الخليفة إلى بغداد.

وفيها قُتِلَ عليُّ بن السَّلار، وزيرُ الدِّيار المِصرية.

وفيها ضايقتِ الفرنجُ عَسْقلان، فبعثوا إلى نور الدِّين ومجير الدين أبق [صاحب دمشق] (٢) يستصرخون بهما، فتوجَّه مجيرُ الدِّين إلى حلب بعساكره يوم السبت ثالث عشرة المحرَّم، واجتمع بنور الدِّين، وعند نور الدِّين تركمان كثير، فاتَّفقوا على النُّزول على بانياس ليَشْغَلُوا قلوبَ الفرنج النَّازلين على عَسْقلان، فساروا إليها ونزلوا عليها يوم السَّبت تاسع عشرين صفر، وليس فيها من الفرنج من يحميها، فوقع الخُلْف بين المسلمين، فعاد مجيرُ الدِّين إلى دمشق ونور الدِّين إلى حِمْص.

وعند عَوْدِ مجير الدِّين من بانياس، أُخرج الوزير ابن الصُّوفي من دمشق، وكان قد امتنع من دخول القَلْعة، وإذا أَمَرَ مجيرُ الدِّين بأمرٍ لا يلتفتُ إليه، وجرى بينه وبين أخيه زين الدَّوْلة مشاجراتٌ، فاتَّفق مجيرُ الدِّين مع زينِ الدَّوْلة، ووعده الرِّياسة على أَنْ يُساعد على إخراج أخيه من دمشق، وبَعَثَ إليه بمالٍ، فأجابه باطنًا، وأرسل مجيرُ


(١) انظر حاشيتنا رقم ١ ص ٤١٠ من هذا الجزء.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).