وقال الشيخ أبو سعد القيلويي: قوة سيدنا الشيخ عبد القادر مع الله وفي الله وبالله، ضَعُفَتْ عندها قُوى الصَّناديد، ولقد سبق كثيرًا من المتقدِّمين بتمسكه بعروة من طريقة لا انفصامَ لها، ولقد رفعه الله إلى مقام عزيز بتدقيقه في تحقيقه.
وقال الشيخ عبد الرَّحمن الرِّفاعي: قَدِمْتُ بغداد، وحضرتُ الشيخ عبد القادر - سلام الله عليه - فرأيتُ من حاله وفراغ قلبه وخلوِّ سِرِّه ما أذهلني، فلما رجعتُ إلى أُم عبيدة (١) أخبرت خالي الشيخ أحمد عنه بذلك، فقال: يا ولدي، ومن يُطيق مثل قوة الشيخ عبد القادر وما هو عليه، وما وصل إليه.
وقال أبو محمَّد الحسن: سمعتُ الشيخ علي الفرنثي يقول لرجلٍ: لو رأيتَ الشيخ عبد القادر لرأيتَ رجلًا فاقت قوتُه في طريقه إلى ربه قوى أهل الطَّرائق شِدَّة ولزومًا، كانت طريقه التَّوحيد وصفًا وحُكْمًا وحالًا، وتحقيقه الشَّرْع ظاهرًا وباطنًا، ووصفه: قلبٌ فارغ، وكونٌ غائب، ومشاهدة ربٍّ حاضر، بسريرة لا تتجاذبها الشكوك، وسِرٍّ لا تتنازعه الأغيار، وقلبٍ لا تفرقه البقايا، جعل الملكوت الأكبر من ورائه، والمُلْك الأعظم تحت قدمه، ﵁.
وقال الشيخ أبو محمد الشَّنْبكي: سمعتُ شيخنا أبا بكر بن هوار يقول: أوتاد العراق ثمانية: معروف الكَرْخي، والإمام أحمد بن حنبل، وبِشْر الحافي، ومنصور بن عَمَّار، والجُنَيد، والسَّرِي، وسَهْل بن عبد الله التُّستري، وعبد القادر الجِيلي. فقلتُ له: ومن عبد القادر؟ قال: عجميٌّ شريف، يسكن بغداد، يكون ظهوره في القرن الخامس، وهو أحدُ الصِّدِّيقين الأوتاد، الأفراد، أعيان الدُّنيا، أقطاب الزَّمان.
وقال الشيخ أبو محمَّد الشَّنْبكي: كان شيخنا أبو بكر بن هوار يذكر الشيخ عبد القادر الذي يتوق يظهر بالعراق في وسط القرن الخامس، وينص على فضْله، وما كان علمي به يتجاوز مسمعي، ثمَّ كوشفت بمقامات الأولياء، فإذا هو في صدورهم، وكوشفت بمقامات العلماء، فإذا هو في صدورهم، وكوشفت بمقامات الأقطاب، فإذا هو في صدورهم، وكوشفت بمراتب المقرَّبين، فإذا هو من أعلاهم، وكوشفت بأطوار
(١) أم عبيدة: أرض بالبطائح، وانظر "طبقات الشعراني": ١/ ١٢١.