للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوم، ليس العجب أن يحمل الفتى حمارٌ عتابي، عندنا عتابي حمار (١). فضحك الناس] (٢).

وفيها سار نورُ الدِّين إلى المَوْصل، وصلَّى في الجامع الَّذي بناه وسط البلد، وتصدَّقَ بمالٍ عظيم، ولما علم صلاح الدِّين أَنَّ نورَ الدين [قد] (٢) توجَّه إلى المَوْصل خرج بعساكر مصر إلى الشَّام، فحصر الكَرَك والشَّوْبك، ونهب أعمالها، وكان جماعة من العرب نازلين بأرض الكَرَك ينقلون الأخبار إلى الفرنج، وإذا غاروا على البلاد دلُّوهم على المسلمين، فنهبهم صلاحُ الدين، وقتل البعض، وأجلى من بقي منهم عن أرض الكرك، وكتب إلى نور الدين كتابًا من إنشاء الفاضل: سببُ إصدار هذه الخِدْمة إلى حضرة مولانا الملك العادل أعزَّ الله سُلْطانه، ومكَّن بالنَّصر إمكانه، وشيَّد بالتأييد مكانه، ونَصَرَ أنصاره، وأعان أعوانه، عَلِمَ المملوك بما يؤثرُه المولى من قَصْدِ الكُفَّار بما يَقُصُّ به أجنحتهم، ويحصُّ (٣) به أسلحتهم، ويقطع موادَّهم، ويخرِّبُ بلادهم، ومن أكبر الأسباب المعينة لهم على ما يراد منهم أن لا يبقى في بلادهم أحد من العُرْبان، وأن ينتقلوا من ذُلِّ الكُفْر إلى عِزِّ الإيمان، ومما اجتهد فيه غاية الاجتهاد، وعَدَّه من أسباب الجهاد ترحيل كثير من أنفارهم، والحرص على تبديل ديارهم بحيث إنَّ العدوَّ إذا نَهَضَ اليوم لا يجد بين يديه دليلًا، ولا يستطيع حيلة، ولا يهتدي إليه سبيلًا، [وهو "كتاب طويل"] (٢).

ثم عاد صلاح الدِّين إلى مِصْر.

وقيل: هي أوَّل غَزَاةٍ غزاها.

[وذكر القاضي أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم الموصلي، ويعرف بابن شداد قاضي حلب في سيرة صلاح الدين، وقال: إنما بدأ صلاح الدين بالكرك والشوبك لأنهما في طريق الديار المصرية، وكانوا يغارون على القوافل منها، فقصد


(١) نوع من حمر الوحش المخططة، نسبة إلى العتابيين، إحدى محال بغداد في الجانب الغربي منها، اشتهرت بالنسيج المخطط، ومن ثم كان هذا النوع من الحمير يوصف بالعتابي تشبيهًا له بهذا النسيج، انظر "وفيات الأعيان": ٤/ ٣٨٩، و"تكملة المعاجم العربية" لدوزي (الطبعة الفرنسية): ٢/ ٩٣.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) في "الروضتين": ٢/ ٢٣٩: ويفلل أسلحتهم.