للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسهيل الطريق ليصل البلاد بعضها ببعض، فحصرها هذه السنة، فلم يظفر منهما بطائل، وتأخر فتحهما إلى ما بعد الفتوح] (١).

وعاد نور الدِّين إلى المَوْصل، وقطع الفرات، وقصَدَ بلاد الرُّوم؛ وسببُه أنَّ عزَّ الدين قليج رسلان صاحب الرُّوم كان قد تعرَّض لبلاد نور الدِّين محمد بن قرارسلان بن أُرْتُق صاحب آمِد، فسار نورُ الدِّين في نجدته.

وقال ابن الأثير: إنما سار نورُ الدِّين إلى بلاد عِزِّ الدين قليج رسلان بن مسعود بن قليج رسلان بن سليمان بن قُتُلْمِش بسبب ذي النُّون بن الدَّانْشَمَنْد صاحب مَلَطْيَة، كان قليج رسلان قد أخرجه منها ومن سيواس، فأرسل إليه نورُ الدِّين يشفع فيه، فلم يجبه، ففتح نورُ الدِّين بَهَسْنى، ومَرْعَش، وقلاعًا من أعمال قليج رسلان، وبينا هو على ذلك جاءه خبرٌ من حِمْص بأنَّ الفرنج نزلوا عليها فرجع إلى الشَّام ومعه ابن الدَّانْشَمَنْد، ووعده بخلاص قلاعه، ولما أخذ نورُ الدين مَرْعَش وبَهَسْنى والمَرْزُبان وغيرها، خاف منه قليج رسلان، فأجابه إلى ما أراد، ورَدَّ بلاد ابن الدَّانْشَمَنْد، وشَرَطَ عليه نورُ الدِّين تجديدَ إسلامه لأنه كان يُتَّهم بالزَّنْدقة، وأنَّه متى طلب منه العساكر ينجده وأن يزوِّج ابنته بابنِ أخيه سيف الدِّين غازي صاحب المَوْصِل، ففعل، وبعثَ نورُ الدِّين فخر الدِّين عبد المسيح مع ابن الدِّانْشَمَنْد إلى مَلَطية وسيواس، ومعه عسكر يكون في خِدْمته، فأقام عنده حتَّى توفي نورُ الدين، ورجعتِ البلادُ إلى قليج رسلان (٢).

وفيها قدم القُطْب النَّيسابوري من حلب إلى دمشق، فدرَّس في الزَّاوية الغربية بجامع دمشق وبالمدرسة الأمينية، وقيل: لم يدرس بالأمينية (٣).

وشَرَع نورُ الدِّين في بناء مدرسة للشَّافعية (٤) إلى جانب الجاروخية، فأدركه أجله [دون بنائها] (٥) وقد وضع [نور الدين] (٤) المحراب وبعض البناء، وبقي أمرها على حاله، فجاء العادل أبو بكر بن أيوب، فأزال ذلك البناء، وبناها البناء المُحْكم، ودُفِنَ فيها.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر "النوادر السلطانية": ٨٦ - ٨٧.
(٢) انظر "الباهر": ١٦٠ - ١٦١.
(٣) في (م) و (ش): بعثه نور الدين يدرس بالمدرسة الأمينية وبالزاوية الغربية بجامع دمشق؛ زاوية الفقيه نصر، وقيل: لم يدرس بالأمينية بل بالزاوية الغربية.
(٤) هي المدرسة العادلية الكبرى.
(٥) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).