الحمدُ للعِيس بعد العَزْم والهِمَم … حَمْدًا يقوم بما أولَتْ من النِّعَم
لا أجحد الحقَّ عندي للرِّكابِ يدٌ … تمنَّتِ اللُّجْمُ فيها رُتْبَةَ الخُطُمِ
قرَّبْنَ بُعْدَ مزار العِزِّ من نَظَري … حتى رأيتُ إمام العَصْرِ من أَمَمِ
ورُحنَ من كعبة البَطْحاءِ والحَرَمِ … وفدًا إلى كعبة المعروف والكَرَمِ
فهل درى البيتُ أني بعد فُرْقته … ما سرتُ من حَرَمٍ إلا إلى حَرَمِ
حيث الخلافةُ مضروبٌ سُرادِقُها … بين النَّقيضين من عَفْوٍ ومن نِقَمِ
وللإمامةِ أنوارٌ مقدَّسةٌ … تجلو البغيضين من ظُلمٍ ومن ظُلَمِ
وللنبوَّةِ آياتٌ تنصُّ لنا … على الخفيين من حُكْم ومن حِكَمِ
وللمكارمِ أعلامٌ تعلِّمنا … مَدْحَ الجزيلين من بأُسٍ ومن كَرَمِ
وللعُلا ألسنٌ تُثْني محامدها … على الحميدين من فِعْلٍ ومن شِيَمِ
ورايةُ الشَّرف البذَّاخِ ترفَعُها … يدُ الرَّفيعين من مجدٍ ومن هِمَمِ
أقسمتُ بالفائز المعصومِ معتقدًا … فوزَ النَّجاةِ وأَجْرَ البِرِّ في القَسَمِ
لقد حمى الدِّينَ والدُّنيا وأهلَهما … وزيرُه الصَّالحُ الفرَّاجُ للغُمَمِ
اللابس الفَخْرَ لم تَنْسُجْ غلائلَه … إلا يدُ الصَّنْعتين السيفِ والقلمِ
وُجُودُه أوجد الأيام ما اقترحتْ … وَجُودُه أعدَمَ الشَّاكين للعَدَمِ
قد ملَّكَتْه العَوَالي رِقَّ مملكةٍ … تعيرُ أنفَ الثُّريا عزَّة الشَّمَمِ
أرى مقامًا عظيمَ الشَّأنِ أَوْهَمني … في يقظتي أنَّها من جُمْلة الحُلُم
يومٌ من الدَّهر لم يَخْطُرْ على أملي … ولا ترقَّتْ إليه رَغْبَةُ الهِمَمِ
ليتَ الكواكبَ تدنو لي فأنظِمَها … عقودَ مَدْحٍ فما أرضى لكم كَلِمي
ترى الوزارةَ فيه وهي باذِلةٌ … عند الخلافة نُصْحًا غير متَّهمِ
عواطِفٌ علَّمتنا أنّ بينهما … قرابةً من جميل الرَّأي لا الرَّحِمِ
خليفةٌ ووزيرٌ مدَّ عَدْلُها … ظِلًا على مَفْرِقِ الإِسلامِ والأُمَمِ
زيادةُ النِّيل نَقْصٌ عند فيضهما … فما عسى نتعاطى مِنَّةَ الدِّيَمِ
[وهي قصيدة في نفسها نفيسة إلا أن قوله "الحمد للعيس" فإنها لفظة غير رئيسة، لأن الحمد لا ينبغي إلا لعز الله وجلاله، وكبريائه وكماله، فلما أنشده القصيدة خلع