للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنبر، اللهم وأَصْلح عبدَك الفقيرَ إلى رحمتك، الخاضعَ لهيبتك، المعتصم بقوتك، المجاهِدَ في سبيلك، المرابط لأعداء دِينك، أبا القاسم محمود بن زَنْكي بن آق سُنْقُر، ناصر أمير المؤمنين. فإن هذا ما يدخله كَذِبٌ ولا تزيُّد، فكتَبَ نورُ الدين على رأسها بخطِّه: مقصودي أن لا يُكذب على المنبر، أنا بخلاف كل ما يقال، أفرح بما لا أعمل، قِلَّة عقل عظيم، الذي كتبت به جيد، اكتبْ به نُسَخًا إلى البلاد.

وكان يقول لأصحابه: حرام على كلِّ من صحبني ولا يرفع إلي قصة مظلوم لا يستطيع الوصول إليَّ.

ذكرُ نُبْذةٍ مما مُدِحَ به:

كان قليلَ الابتهاج بالشِّعْر، لا يُؤْثر المديح ويجيز عليه، فمن قول ابن القيسراني فيه: [من الخفيف]

ذو الجهادين من عدوٍّ ونَفْسِ … فهو طول الحياةِ في هَيجاءِ

أيها المالكُ الذي ألزم النَّا … سَ سلوكَ المحجَّة البيضاءِ

قد فَضَحْتَ الملوكَ بالعَدْلِ لَمَّا … سِرْتَ في الناس سيرةَ الخُلَفاء

قاسمًا ما مَلَكْتَ في النَّاس حتى … لقسمتَ التُّقى على الأتقياءِ

شيم الصَّالحين في جُنَنِ (١) التُّرْ … كِ وكم من سكينة في قَبَاءِ

أنتَ حينًا تقاس بالأسد الوَرْ … دِ وحينًا تُعَدُّ في الأولياءِ

وكأنَّ القَباء منك لما ضمَّ (م) … من الطُّهْر مسجدٌ بقُباءِ

أنتَ إلا تكنْ نبيًّا فما فا … تَكَ إلَّا خلائقُ الأنبياءِ

رأفةٌ في شهامةٍ وعفافٌ … في اقتدارٍ وسَطْوةٌ في حياءِ

وجمالٌ ممنطقٌ بجلالٍ … وكمالٌ متوَّجٌ ببهاءِ

عَجِبَ النَّاسُ منك أنَّك في الحَرْ … بِ شهابُ الكتيبةِ الشَّهْباءِ

وكأنَّ السيوفَ من عَزْمك الما … ضي أفادتْ ما عندها من مَضَاءِ

ولعمْري لو استطاع فَدَاك الـ … ـقومُ بالأمَّهات والآباءِ


(١) مفردها جنة، وهي الدرع، "اللسان" (جنن).