يا ملكًا أيَّامُه لم تَزَلْ … لفَضْلِهِ فاضلةً فاخِرَهْ
ملكتَ دُنْياكَ وخَلَّفْتَها … وسرتَ حتى تملكَ الآخِرَه
وقال أبو اليُسْر شاكر بن عبد الله: تعدَّى بعضُ أمراءِ صلاحِ الدِّين على رجلٍ، وأخذ ماله، فجاء إلى صلاح الدِّين، فلم يأخذ له بيد، فجاء إلى قَبْر نور الدِّين، وشَقَّ ثيابه، وحثى التُّرابَ على رأسه، وجعل يستغيث: يا نورَ الدِّين [أين] أيامك؟ ويبكي، وبَلَغَ صلاح الدِّين، فاستدعاه وأعطاه ماله، فازدادَ بكاؤه، فقال له صلاح الدين: ما يبكيك وقد أنصفناك؟ فقال: إنَّما أبكى على ملك أُنصفت ببركاته بعد موته، كيف يأكله التُّراب، ويفقده المسلمون!
ذِكرُ ألقابه
التي جاءت من بغداد مع الخِلْعة، ويُخطب له بها على المنابر: اللهم وأَصْلِحِ المولى السُّلْطان الملك العادِلَ العالم، العامل الزَّاهد، العابد الوَرع المجاهد المرابط، نورَ الدين وعُدَّتَه، ركنَ الإسلام وسَيفَه، قسيمَ الدولة وعمادَها، اختيار الخلافة ومعِزّها، رضيَّ الإمامة وأثيرَها، فخر المِلَّة ومجيرها، شمس المعالي وفلكها، سيِّد ملوك الشرق والغرب وسُلْطانَها، محصي العَدْل في العالمين، مُنْصف المظلومين من الظَّالمين، ناصر دولة أمير المؤمنين، وذكر ألقابًا أخرى.
ثم إنَّ نور الدِّين أسقطَ الجميع قبل موته، وقال: يقال: اللهم وأَصْلِحْ عبدَك الفقير محمود بن زنكي.
ورُوي أنَّه كَتَبَ رقعةً بخطه إلى وزيره خالد بن القَيسَراني يأمره أن يكتبَ له صورةَ ما يُدْعى له به على المنابر، وكان مقصودُه صيانةَ الخطيبِ عن الكَذِب، ولئلا يقول ما ليس فيه، فكتبَ ابنُ القَيسراني كلامًا، ودعا له فيه، ثم قال: وأرى أن يقال على