للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء خدمُ الخاصَّة ومعهم توقيعُ الخليفة بإظهار الحُزْن عليه، والتأسُّف، وتطييب قلوبهم، وأقامهم من العزاء.

[(١) واختلفوا في سبب قتله، فقال قوم:] إنَّ تتامش واطأ الإسماعيلية على قَتْله لما كان بينهما، فبعث الخليفةُ، فقبضَ على تتامش، وأخَذَ أمواله وحَبَسه في التَّاج، وكان قد كتب مرارًا إلى الخليفة يعرضه للفرجة على الحاجّ، ويقول بأنَّ هذا شعار الإسلام، ولو خرج أمير المؤمنين لاشتدَّت قلوب الحاج، فلما قُتِلَ الوزير خِيفَ أن يكون أراد الخليفة [(٢) وقال آخرون:] إنما وَضَعَ الإسماعيلية عليه ابن العطار صاحب المخزن، [وهو الظَّاهر] (٣).

[قلت:] (٤) حكى لي والدي ، قال: كنتُ قاعدًا عند ابن العَطَّار صاحب المخزن في ذلك اليوم فجعل يقول لي: يا حسامَ الدِّين، إلى أين بلغ السَّاعة؟ وأين وَصَلَ؟ وهو قلق، يقوم ويقعد، فلما جاء الخبر بقَتْله، قام قائمًا، وقال: الله أكبر يا ثارات ظَفَر، يا ثارات عزّ الدين، يعني ابني الوزير ابن هُبيرة، فإنَّهما قُتلا في أيام ابنِ رئيس الرُّؤساء. قال أبي: ومضيتُ مع صاحب المخزن إلى عزاء أولاد ابن رئيس الرؤساء، فعزَّاهم، وجعل يقول: قَتَلَ الله من قتل أباكم شَرَّ قِتْلَة، ومثَّلَ به أقبحَ مُثْلة.

فكان كما قال، [قُتل] (٣) ابنُ العطار شرَّ قِتْلة، ومُثِّلَ به أقبح مُثْلة [وسنذكره] (٥).

أسند الوزيرُ الحديث [عن أبي القاسم بن الحصين وغيره] (٣)، وكان [الوزير] (٣) فاضلًا عادلًا؛ كان يغشاه رجلٌ من الأكابر، فحسده أقوام، فَسَعَوْا به إلى الوزير، وكثَّروا عليه، فقال الرجل: يا مولانا، قد بلغني كذا وكذا، وأنا خائف على منزلتي عندك. فقال الوزير: [من السريع]

ما حطَّكَ الواشون من رُتْبَةٍ … عندي ولا ضَرَّكَ مغتابُ


(١) في (ح): وسبب قتله أن تتامش، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): وقيل، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) في (ح): قال المصنف ، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في حوادث سنة (٥٧٥ هـ)، وما بين حاصرتين من (م) و (ش).