للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرنقش، وكان في المدينة الخاتون ابنة قرا رسلان زوجة قُطْب الدِّين سُكْمان صاحب مارِدِين، فأحال يرنقش الأمر عليها، فراسلها السُّلْطان، فأجابته، وطلبت منه الهتَّاخ ليكون عُشًّا لَلفراخ، فأعطاها إياه، وأقبل قطب الدين سُكْمان صاحب آمِد إلى خِدْمته، فأكرمه، ورَدَّه إلى موضعه، وكان معه وزيره أبو [محمد] (١) عبد الله بن سماقة.

وولَّى السُّلْطان على مَيَّافارِقين ودياربكر مملوكه سُنْقُر الخِلاطي، وعاد إلى المَوْصل، وهذه المرة الثالثة وهي الأخيرة، فنزل الإسماعيلات، وقيل: نزل على كَفْر زَمَّار بدِجْلة، وعَزَمَ على أن يشتِّي بذلك المكان، واستعدَّ المواصلة للحصار، وأشار أُمراء عز الدين مسعود عليه بأن يُخرج إليه النِّساء الأتابكيات يشفعن إليه، فخرجن ومعهن والدة عز الدين [مسعود] (٢)، فأكرمهن ووعدهنَّ الإحسان، ولم يقبل شفاعتهن، وقال: قد جعلتُ عماد الدين زَنْكي واسطةً فيما يعود نفعه عليَّ وعليكم. ونَدِمَ على رَدِّهن، وبعث إلى عماد الدين صاحب سنجار في معنى الصُّلْح، فقرَّره عماد الدين، وخُطِبَ للسُّلْطان بالمَوْصل، وأُعطي شَهْرُزُور والبوازيج، ووقف بها قرية [تعرف] (٢) ببافيلا على ورثة شيخ الشيوخ ببغداد، ورحل عن الموصل يريد الجزيرة. [قال العماد] (٢): وكان [السلطان] (٢) قد لازم قراءة القرآن في شهر رمضان، واشتدَّ الحر، وأضيف إلى ذلك ندمه على رَدِّ النساء، فمرض مرضًا شديدًا، فتناثر شعر رأسه ولحيته، وقيل: إنه سُقي، وضَعُفَ ضعفًا خِيفَ عليه منه، وأُرجف بموته، وأقام على نَصِيبين وقد يئسوا منه، ثم تماثَلَ، فَحُمِلَ في مِحَفَّة إلى حَرَّان، فنزل ظاهرها، وبنى دارًا سمَّاها دار العافية.

وقال ابنُ شَدَّاد: سببُ صُلْح المواصلة للسُّلْطان أَنَّهم استنجدوا بالدِّيوان والبهلوان، وأخرجوا النِّساء إليه، فلم ينفعهم، فلما مَرِضَ رأوا مرضه فُرصة، وعلموا رِقَّة قلبه، فأرسلوني إليه في هذا الأمر، فلما وصلنا إلى المخيَّم وجدناه في حد الإياس، فأقمنا حتى تماثَلَ، وأحضَرَنا يوم عرفة، وحَلَفَ لنا، ودام على يمينه طول عمره (٣).


(١) ما بين حاصرتين زيادة من "كتاب "الروضتين": ٣/ ٢٤٦، وانظر ترجمته ص ٣٠٧ من هذا الجزء.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) "النوادر السلطانية": ٧٠.