للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يونس، [وكان محلوق الرأس] (١)، فأحضروه بين يدي السّلْطان، فألبسه طُرطُورًا أحمر فيه جَلاجِل (٢)، وجعل يضحك عليه، ولم يصل إلى بغداد من العسكر إلا القليل، فتقطَّعوا في الجبال، وماتوا عطشًا وجوعًا، [وكانت هذه الوقعة من جنس وقعة المسترشد] (١)، وأُخذت خزائن الخليفة وخَيله ومماليكه، [وقيل: كانت أعظم، وعمل الناس الأشعار فيها] (١)، فقال أحمد بن الواثق بالله: [من الخفيف]

اُتركونا من جائحاتِ الجريمَهْ … طلعةً طلعةً تكونُ وخيمهْ

بركاتُ الوزيرِ قد شَمَلَتْنا … فلهذا أمورُنا مُسْتقيمهْ

خَرَجَ الجُنْدُ يَطْلبون خُراسا … نَ جميعًا بأُبَّهاتٍ عظيمهْ

بخيولٍ وعُدَّةٍ وعديدٍ … وسيوفٍ مجرَّباتٍ قديمهْ

ووزيرٍ وطاقِ طُنْبٍ ونَقْشٍ … وخيولٍ مُعَدَّةٍ للهزيمهْ

هُمْ رأَوْا غُرَّة العدوِّ وقد أقـ … ـبل ولَّوا وانحلَّ عَقْدُ العزيمهْ

وأتونا بأوْجُهٍ كالحاتٍ … خاضعاتٍ مسوَّداتٍ ذميمهْ

لو رأى صاحب الزمان ولو عا … ينَ أفعالهم وعُظْم المَلِيمهْ

قابل الكُلَّ بالنَّكالِ وناهيـ. ـكَ بها سُبَّةً عليهم مقيمهْ

واستوزر الخليفة أبا المعالي سعيد بن علي بن حديدة، ورتَّب اسفنديار الواعظ في كتابة الإنشاء بديوان الخليفة، وكان يلقب بالموفَّق، فلقب بمؤيَّد الدين، وخُلِعَ عليه.

وفيها نَزَلَ السّلْطان على كوكب، فرآها تحتاج إلى قتال ومصابرة، فوكَّل بها قَيماز النَّجْمي، ووكَّل بصفد طُغْريل الجانْدار، وبَعَثَ إلى الكَرَك والشَّوْبك كوجبا صِهْر السُّلْطان، وكانت هذه الحصون الأربعة أحصنَ القِلاع، ومسالكها صعبة، فرأى مطاولتها، وقَطْعَ الموادِّ عنها.

وسار السُّلْطان إلى ناحية الشَّمال في السَّاحل، ففتح عِدَّة حصون، منها أَنْطَرسوس، نازلها في جُمادى الأولى، وكان بها بُرْجان عظيمان، فأخربهما، وقتل مَنْ كان فيهما.


(١) ما بين حاصرتين من (م).
(٢) الجلاجل: جمع، مفرده جُلْجُل: الجرس الصغير.