للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخزن، وأكرمه، وأحسن نُزُله، وعفا عن جرائم أبيه وما فعل بابنِ يونس، واستدعاه إلى باب الحجرة، وخلع عليه خِلْعة السَّلْطنة، وطوَّقه بطوقٍ من ذهب، واجتمع بولي العهد أبي نَصْر محمد.

وفيها تسلَّم الخليفة قلعة الحديثة بعد حصار طويل.

وفيها بني الخليفة دار الفَلَك، ورتَّب فيها ابنة السيد العلوي، ويقال لها: بنت الجدود.

وأما حديث السُّلْطان فإنَّ هذه السنة دخلت وهو مرابطٌ على الخَرُّوبة، وفي ربيع الآخر تسلَّم شقيف أرنون بالأمان بعد الحصار الطويل، وضيَّق على صاحبه أرناط بدمشق، فسلَّمه، ومضى إلى صور.

وفي هذا الشهر قدمتِ العساكرُ الإِسلامية على السُّلْطان، وفيهم الملك الظّاهر صاحب حلب، وأسد الدين شيركوه صاحب حمص، وسابق الدين عثمان صاحب شَيزَر، وعز الدين إبراهيم بن المقدم، وغيرهم، فتقدَّم السُّلْطان إلى تل كيسان، وعَزَمَ على لقاء الفرنج، وقدم رسول الخليفة فخر الدين نقيب العلويين بمشهد باب التبن ومعه خمسة أحمال نِفْط، وتوقيع بعشرين ألف دينار تقترض من التجار على [ذمة] (١) الخليفة، فشق على السُّلْطان، وقال: أنا في يوم واحدٍ أُخرج مثل هذا وأضعافه، وما أنا بمضطر. ورَدَّ عليه الجميع، فأشار عليه بعضُ أصحابه بأخذ النفط للغَزاة، [فأخذه] (١) ورَدَّ التوقيع، وقال: يرحم الله العاضد، وصل إليَّ منه في عشرين يومًا مقام الفرنج على دمياط ألف ألف دينار، ومثلها عروض.

حديث حريق الأبراج:

كان الفرنج قد صنعوا ثلاثة أبراج من الخشب والحديد، وألبسوها جلود البقر المسقاة بالخَلِّ والخمر لئلا تعمل فيها النار، وطمُّوا خندق عكا، وسحبوا الأبراج على العَجَل إلى السُّور، فأقبلت أمثال الجبال، فأشرفت على البلد، وفي كل برج خمس مئة مقاتل، فأيس المسلمون من البلد وقد حِيلَ بينهم وبين السُّلْطان، وركب السُّلْطان


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).